القصة وراء نجاح "ماك": مطبخ، مثليين، مادونا وإيدز!

أرشيف فوشيا
فريق التحرير
8 يناير 2020,6:03 ص

تعتبر "ماك" لمستحضرات التجميل، إحدى علامات الماكياج المفضلة لدى الجميع، وواحدة من الشركات الأكثر إثارة في السوق التي تخفي وراءها الكثير من الأسرار، على غرار منتجاتها التي تخفي الكثير من العيوب أيضًا.

أول الأسرار


من أسرار الشركة التي تفتخر بها هي بدايات تأسيسها، حيث انطلقت من المطبخ وليس من مختبرات عالمية كما يعتقد البعض، حيث تم ذلك في لحظة إحباط شعر بها المصور الفوتوغرافي الكندي فرانك توسكان من نوعية المكياج الباهت الذي يظهر في الصور التي يلتقطها، فاستعان بصديقه صاحب صالون التجميل فرانك أنجيلو وبدأ في البحث عن حل لتطوير المكياج الفنّي. ومن المطبخ وخلف أسوار صالون أنجيلو بدأ الصديقان بمساعدة صهر توسكان الكيميائي، باختبار العديد من التجارب في أوانٍ سوداء بسيطة، أصبحت لاحقاً التوقيع الخاص بالشركة.

وبعد محاولات كثيرة، نجح الأصدقاء في صناعة أول أحمر شفاه غير لامع، مستوحى من قلم تلوين أسود جريء يدعى فلامينغو، وسرعان ما تم توسيع خط أحمر الشفاه ليشمل 23 نوعاً، مستوحاة من أقلام التلوين، بالإضافة إلى مجموعة صغيرة من أقلام ظلال العيون، وكريم أساس «فونديشن».

لقيت هذه المنتجات، التي أطلق عليها اسم مستحضرات المكياج الفنّي Makeup Art Cosmetics MAC إعجاب زبائن توسكان من الوسط الفني في كندا وأميركا، ورواجًا واسعًا حتى قبل افتتاح أول متجر لها.

واشتهرت المنتجات أكثر، عندما وضعت مادونا أحمر شفاه غير لامع من «ماك» matte red lipstick، خلال جلسة تصوير خضعت لها، ثم تم تصويرها – في ما بعد - وهي ترتدي قميصًا عليه علامة المنتجات، حيث بدأ الناس يتعرفون إلى هذه العلامة الصاعدة.

في عام 1985، قرر الصديقان فتح أول متجر لهما باسم علامة «ماك» بمساعدة أفراد أسرتيهما، ووقع اختيارهما على مدينة ويست فيلج بمدينة نيويورك، ولحسن وسوء حظهما كان المتجر يقع بالقرب من شارع المثليين، الذي كان مركزاً لوباء الإيدز المأساوي.

مثليون وإيدز ونجاح


خلال أسابيع قليلة من افتتاح المتجر، أصبح قبلة لسكان الشارع المجاور من مثليين ورواد النوادي الليلية غريبي الأطوار في تلك المنطقة، حتى تم الاستغناء عن الفتاة الجميلة، التي كانت تعمل على باب المحل لاستقطاب الزبائن.

واعتمد - بعد ذلك - المؤسسان (توسكان وأنجيلو) استراتيجية جديدة في التسويق، حيث قاما بتوظيف عاملين من الجنسين، أصحاب ملامح غريبة وقصات شعر ووشوم جريئة، وذلك عكس ما كانت تعمل به شركات الأزياء والتجميل الأخرى التي كانت تعتمد توظيف النساء الجميلات فقط.

حتى خلال حملاتها الدعائية اتخذت طريقاً مغايراً، حيث لجأت إلى المغني وعارض الأزياء روبول أندريه تشارلز، الذي أصبح متحدثاً باسم شركة مستحضرات التجميل العالمية.

كما كانت «ماك» أول علامة تجارية في تاريخ مستحضرات التجميل، تستثمر في تدريب وتعليم موظفيها، بالإضافة إلى تطوير تجربة خدمة العملاء في مجال البيع.

مادونا، "فيفا غلام" ورد الجميل


خلال سنوات قليلة فقط، نمت مبيعات الشركة واتسعت شهرتها، وطلبت الفنانة العالمية مادونا تصميم أحمر شفاه خاصاً بجولتها الغنائية حول العالم، التي قامت بها في التسعينات من القرن الماضي. حيث اختار توسكان وأنجيلو اللون الأحمر الروسي، الذي حقق مبيعات عالية للشركة.

وبدأت الشركة افتتاح متاجر أخرى، حيث كان يزورها عدد من المشاهير أمثال مايكل جاكسون.

وفي عام 1994، أطلقت «ماك» حملتها الاجتماعية الأولى، بالتزامن مع قلم الشفاه «فيفا غلام» لـ VIVA GLAM.

وجمعت الحملة أكثر من 380 مليون دولار، وكانت بدأت كأداة توعوية حول فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، الذي كان يساء فهمه في السابق، أمّا الآن فأصبحت «ماك» رائدة في نشر الوعي حول الفيروس، وأكبر مانحي الدعم المادي لإيجاد علاج له.

وشارك العديد من المشاهير في هذه الحملة بمن في ذلك: ليدي غاغا، نيكي ميناج، مايلي سايروس، وأخيراً أريانا غراندي.

لقد شعر أنجيلو وتوسكان بأن هذه هي السبيل لردِّ الجميل إلى زبائن متجرهما الأوائل من المثليين، وللمجتمع الذي ساعدهم على النمو، ليصبحا خط المكياج الرئيس.

بيع ووفاة


في عام 1995، باع الشريكان أنجيلو وتوسكان نصف العلامة التجارية لشركة إستي لودر، وأسهمت الصفقة في انتشار محال "ماك" في جميع أنحاء العالم.

بعد عامين، توفي فرانك أنجيلو، خلال إجرائه عملية جراحية، ولم تستغرق إستي لودر وقتًا طويلاً لشراء النصف المتبقي من العلامة التجارية.

خلال 15 سنة من أحداث قصة تأسيس شركة ماك، توسعت الشركة لتشمل 100 متجر ضخم، في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط، ولاتزال حملة فيفا غلام مكرسة لقضية توسكان وأنجيلو.

فمن دون قيمتها المجتمعية القوية، وحماسة وشغف مؤسسيها، لن تكون الشركة مؤثرة، ويبقى سر نجاحها هو نهجها المرح، لاكتشاف مكامن الجمال.

كما قال توسكان، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز: "لم نأخذ مستحضراتنا التجميلية على محمل الجد.. إنه أمر ممتع، أن تجمع بين الجمال والمرح والبزنس".

google-banner
foochia-logo