لا يتوانى الصحفيون عن اصطياد اللقطة التي تجلب لهم الكثير من المشاهدين والمعجبين سواء كان ذلك على حساب حي أو متوفى.
لكن الأمر بدا وكأنه طفرة يصعب السيطرة عليها، بعد أن صار مألوفا مشهد اجتياح الكاميرات لأي صيوان عزاء لمتوفى مشهور في الوطن العربي.
فالكاميرا الموقرة تبدأ رحلة تصويرها بمجرد سماعها لخبر مفارقة أحد النجوم لحياته، ودون سابق إنذار تحتل فلاشات الإضاءة المشهد كاملا، حتى تكاد تطغى على أعين المعزين.
ولأن الهدف صحافي لا إنساني بالدرجة الأولى، فلا حرمة لمتوفى أمام عدسة الكاميرا، فلو أتيحت لها التقاط مشهد تغسيل الميت لفعلت، ويتلقفون بشراهة تلك الصور الملتقطة لمن فارقوا الحياة للتو.
هذه الظاهرة لاقت استهجانا واسعا، وبالتحديد من الوسط الفني نفسه، فهو المتضرر بالدرجة الأولى، إذ يخشى الحي منهم على مصيره أمام الكاميرا بعد وفاته.
فهناك لا تبدو الصورة مجملة كما هي في جلسات التصوير، بل إنها تنقل أكثر اللحظات هيبة، وأعظمها رهبة، وتصبح في أغلب الأحيان مادة لأخذ العبرة منها.
وفاة الإعلامية نجوى قاسم فتح ملف تصوير الجنائز على مصراعيه، فنجوى لم تفارقها الكاميرا ولا للحظة واحدة من وقت وفاتها في منزلها بمدينة دبي، وحتى دفنها في مسقط رأسها بلبنان.
فالمذيعة التي اكتظت نشراتها بأخبار وصور القتلى والمتوفين، هي اليوم مادة إعلامية في حدث هو الأخير بالنسبة لها.
ولعل السؤال هنا هل تكفي نبرة الاستهجان فحسب؟
الفنان المصري أحمد السعدني نشر عبر حسابه في تويتر مطالبته لنقابة الفنانين بمنع الصحفيين من حضور العزاءات، وإن كان ولابد فلتكن كاميرا واحدة برفقة صحفي واحد، فالأمر بالنسبة له انتهاك لحرمة المتوفى، وتعدٍ على مشاعر ذويه.
الأمر ذاته إنما بلغة أكثر شدة جاءت على لسان الفنان كريم عبدالعزيز، الذي استنكر على أحد المصورين طلب التقاط صورة له في عزاء والدة الفنانة يسرى، كما طلب الفنان أحمد الفيشاوي من الصحفيين والمصورين مغادرة مكان العزاء بعد أن أصبح المشهد لا يحتمل بالنسبة له في عزاء والده الفنان فاروق الفيشاوي.