في ظل ما تشهده الحياة العصرية من مظاهر إلهاء وتشتيت عدة، يحظى بعضها بتأثير سلبي على قدرتنا المرتبطة بالتركيز أثناء الدراسة، فإن المشكلة هي أن كثيرين يميلون للتقليل من مقدار التشتيت الذي يتعرضون له نتيجة ما يحدث من حولهم.
وغالبا ما نصاب بتشويش نتيجة الأصوات التي نسمعها في الخلفية أثناء القراءة والمذاكرة، كما وجود صوت تلفزيون أو محادثة بين الأهل أو الأصدقاء، وهو ما يحد بالتأكيد من القدرة على التركيز؛ ما يشكل مصدر إزعاج بالنسبة لنا في نهاية المطاف.
ورغم أننا قد نقلل من تأثير تلك الأصوات التي نسمعها في الخلفية أثناء المذاكرة، لكن ثبت من خلال الدراسات المختبرية بعد قياسها وتحليلها أن قدرة الناس على تنفيذ مهام ذات صلة بالدراسة تسوء عادة نتيجة تلك الأصوات التي يسمعونها في الخلفية.
فعلى سبيل المثال، قام باحثون بإحدى الدراسات التي أجريت مؤخرا بتسجيل حركات أعين المشاركين أثناء قراءتهم نصوص الدراسة واستماعهم في الوقت نفسه لبعض أصوات غير ذي صلة في الخلفية، وأظهرت النتائج أن المشاركين بالدراسة كانوا بحاجة لبذل مجهود أكبر، وثبت أن هذا التشويش الذي يتعرضون له يحدث؛ لأن القراء كانوا يحاولون عن غير قصد أن يستمعوا للكلام الدائر في الخلفية ومحاولة فهم المقصود منه، رغم أن هذا الكلام ليس له أي علاقة بما كانوا يقرؤونه.
وقد ثبت أيضا أن الإنصات للموسيقى من عوامل الإلهاء الشائعة الأخرى، وأظهرت إحدى الدراسات الأخرى أن 62% من الطلبة الجامعيين ينصتون للموسيقى أثناء دراستهم أو أثناء القيام بواجباتهم المنزلية، لكن دراسة أخرى حديثة أظهرت أن الاستماع للموسيقى يحد كذلك من جودة القراءة بطريقة مشابهة للكلام غير ذي الصلة.
وهو ما فسره الباحثون بأن الموسيقى تحتوي على لغة في صورة كلمات يحاول أن يركز معها الشخص المستمع لمعالجتها، وأظهر ملخص لعدد كبير من الدراسات عن الموضوع نفسه أن الاستماع للموسيقى الغنائية يضر بفهم النص كما الاستماع للكلام، في حين تبين أن الاستماع لموسيقى الآلات (دون كلمات) لا يضر على ما يبدو بالفهم.
واتضح كذلك من خلال إحدى الدراسات أن انخراط الطالب في أنشطة متعددة المهام أثناء المذاكرة (كاستخدام هاتف محمول، استخدام الإنترنت أو الاستماع للموسيقى) عادة ما يرتبط بتردي أدائهم على صعيد المذاكرة والدراسة، وأظهرت دراسة أخرى أن كثرة استخدام موقع فيسبوك يرتبط أيضا بزيادة تشتت الانتباه الأكاديمي.
ولضمان أعلى درجات التركيز، نصح الباحثون بضرورة التخطيط لفترات المذاكرة بطريقة تحد من عوامل الإلهاء الخارجية، كما الحد من استخدام الوسائل الإعلامية المختلفة عند البدء في المذاكرة والابتعاد عن سبل التكنولوجيا الحديثة طوال فترة المذاكرة.