مدينة تنقلك بين الحضارة والطبيعة في لحظة واحدة، تجعلك تعيش الحياة بكل ألوانها، تأخذك إلى جوّ ساحر من الهدوء ثم بلحظة واحدة تعيدك إلى صخب الحياة، وسرعان ما تعيدك إلى ماضٍ ترى إمبراطوريات عاشت قبل آلاف السنين وتبهرك بكلّ ما تركوه لنا، إنها عاصمة جبال الألب، مدينة إنسبروك النمساوية، فمن يزورها سوف يلاحظ على الفور التعايش الوثيق بين الثقافة والطبيعة.
في إنسبروك، تقع المدينة والجبال على بعد مسافة قصيرة، وإذ شئت قياسها بالدقائق فسنقول إنّ ما يفصل بين صخب الحياة في المدينة وسكون الجبال العالية 20 دقيقة فقط، بحيث تنقلك الحافلة إلى أحد المنحدرات الجبلية، التي تضمّ الكثير لتقدمه للمبتدئين والخبراء على حدّ سواء.
وربما لا تحتاج للانتقال من مكانك حتى ترى هذا الاتحاد بين الثقافة والطبيعة، إذ يمكنك رؤية هذا الاتحاد في كل مكان، حتى في وسط المدينة التاريخي ببناياته وأسواقه ومتاحفه وكنائسه المتقنة، فمنظر شارع "ماريا تيريزا" الرائع باتجاه البلدة القديمة التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى يتوج دائمًا بسلسلة جبال "نوردكيتي" الرائعة.
وفي وسط المدينة الألبية تدهشك الكنيسة الإمبراطورية بسقفها الذهبي، قابعة هناك منذ بناها الإمبراطور ماكسيميليان الأول في القرن الخامس عشر، وقرر أنْ يأوي إليها في ملاذه الأخير، ليضع فيها ضريحه الذي يحيط به 28 تمثالاً برونزيًا عملاقًا تدعى "الرجال السود".
ولا يمكن أن تمر بأنسبروك دون أن تقف أمام قصر هوفبورغ الإمبراطوري الفاخر، الذي تزين غرفه مفروشات ولوحات ثمينة تقدّم شهادة بليغة عن حياة البلاط حينها، كما لا يمكنك أن لا تمر بالمدينة النمساوية دون أن تقف مذهولاً بجمال قلعة رينيسانس أمبراس التي تعود إلى القرن السادس عشر، والتي تضم مجموعات واسعة من الفن والفضول، ما يسمى بـ "غرفة العجائب" ، والتي تقدم رؤى رومانسية وفي الوقت نفسه رائعة في العصور الوسطى.
وبالطبع هناك للعشق النسائي الدائم "المجوهرات" مكانًا في هذه المدينة، إذ تقدم سواروفسكي في واحد من أقدم المباني في إنسبروك مجموعة من منتجاتها التي تشملُ منتجات كريستالية ذات تصميم فريد والديكورات الداخلية، والمجوهرات والموضات.
باختصار لا يوجد أي مكان آخر في العالم، يمكنك فيه القيام بالتسوق في مركز مدينة تاريخية ترجع إلى القرون الوسطى، ولاحقاً وبعد 20 دقيقة فقط، يمكنك تتناول طعامك في أحد المطاعم الجبلية على ارتفاع 2.000 مترًا، وكل ما عليك القيام به أن تركب عربات تلفريك جبال نورد كيتين التي صممهتا نجمة الهندسة المعمارية زها حديد.
لتستمع بعدها بتناول قهوة العصر بهدوء في التضاريس الجبلية الألبية العالية وتشاهد الحيوانات البرية والاستمتاع بالإطلالات البانورامية بزاوية رؤيةٍ تبلغُ 360 في برج القفز التزلجي الأولمبي، إلا في إينسبروك.
وعلى بعد حوالي 200 كلم تقبع مدينة نمساوية أخرى لا تقلّ جمالاً عن شقيقتها إنسبروك، تحاكي الحياة بكل أطيافها وتشتهر بثقافتها، وتشكل مكانًا للمرح العائلي، وهي سالزبورغ.
وأقل وصفٍ يمكن أنْ يقال بحق مدينة سالزبورغ إنها خضراء، نظرًا لقربها من التلال والجبال الرائعة وحدائقها الساحرة كحدائق "ميرابل" الشهيرة، إذْ توجد وفرة من الحدائق والمساحات الطبيعية لأولئك الباحثين عن الاسترخاء والاستجمام.
كما يتواجد فيها أكثر من 800 متجر توفر أجود البضائع، وبائعين مدربين ومجموعة واسعة من الخيارات، بمعنى ادق مهما كان ما تبحث عنه من أرقى تصاميم الأزياء حتى الملابس التقليدية، والتحف، والمجوهرات، فسيكون أمامك 800 متجر، لتجد فيها ما ترغب.
ولا يمكن أنْ تمرّ فيها دون أن تستذكر عظمة ألحان موزارت التي وبلا شك ستوحي لك فيها المدينة بكل ما فيها، بقصر هلبرن ونوافيرها الخادعة، وقلعة هوهن سالزبورغ.
وكذلك ستمنحك المدينة فرصة ركوب القارب البانورامي الوحيد من نوعه في العالم "أماديوس سالزبورغ"، والذي يمنح راكبيه رؤية مثالية للمدينة وضواحيها ذات المناظر الخلابة!