غالبًا وفي المجتمعات العربية، وعندما تكون مشكلة الإنجاب عند المرأة معقدة، ويكتشف زوجها وأهله أنها عاقر، تُشنّ الحرب عليها من كافة الجهات، فيسعون لإقصائها عن زوجها بأي شكل من الأشكال، فيما أهله يضغطون عليه للزواج بامرأة ثانية، ما دام أنه سالم معافى لا خلل فيه.
في منظومة علم الاجتماع والسلوك؛ يبيّن المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات أن الزوجة وإن لم يكن لديها أولاد جراء ظرف زوجها الصحي الذي يحول دون ذلك، لا تفكر بالتخلي عنه بسهولة، وتبقى متمسكة بأمل تحقّق الإنجاب يومًا ما، فضلاً عن قبولها برابط الحب الذي يجمعهما والرضا بالنصيب.
ولأن المسألة لا تقبل التعميم، كما يقول العمارات، هناك في الطرف الآخر، من تفكر في الطلاق لعدم قبولها فكرة العيش بدون أولاد؛ لأن غريزة الأمومة لا يمكن أن تغنيها عن العيش معه دون أطفال، حتى وإن كانت تكنّ له كل المودة والتقدير.
تضحية تتحمل مسؤوليتها
من هنا، فإن تضحية المرأة بالإبقاء على وضعها كما هو أي دون ممارسة دور الأمومة، هي مسألة ربما نابعة من داخلها أولاً، ومن ضغط الأسرة والمجتمع ثانيًا، بالأخص عندما لا تجد في محيطها من يحثها على الانفصال عنه، وفتح صفحة جديدة مع رجل آخر تنجب منه، وفق العمارات.
ومن باب التخفيف عنها، دائمًا ما يواسونَها بضرورة التحلّي بالصبر والتحمُّل بداعي "الأطفال ليسوا كل شيء"، وأن زوجها الذي يحبها ويهتم بها أجدى وأنفع لها من إنجاب الأطفال، فتجد نفسها بالمكان الوسط، ما بين القبول بالأمر المفروض عليها، وما بين شعورها بالنقص الذي لا يضاهيه شعور، عندما ترى جميع النساء من حولها ينجبنَ فيما هي محرومة من تلك النعمة.
مقابل تلك المواساة، يغفل هؤلا ربما حجم الآثار النفسية والاكتئاب والقلق حينما يطغى عليها شعور تحقيق حلمها بالأمومة، فيما لا تستطيع الحصول عليه، كي لا توصف بـ "المطلقة" أو "ليست بنت أصول"، فتركت زوجها في أحلك ظروفه، كما يرى العمارات.
تركها تختار ماذا تريد
وبهذا الصدد، يقول الباحث: "من حق كل زوجة "وَلود" قادرة على الإخصاب أن تعيش مع زوج له قدرة على الإنجاب، وبالتالي ممارسة دورها كأمّ بدلاً من أن تجد نفسها في مُفترق طرق لا تعرف أي طريق تختار، فإما تبقى معه أو تتركه".
وعلى الزوج لقاء ذلك، إما الشعور مع رغبة زوجته في الإنجاب كحق طبيعي لها؛ بحيث لا يحق له تأجيل رغبتها في الإنجاب أو التوقف عن تحقيقها في ظل توافر تقنيات كثيرة، أصبح بمقدوره خلالها إجراء عمليات عدة ليتمكن من الإنجاب، بدلاً من أن يركن إلى المبدأ الذي يقول: "كل شيء قسمة ونصيب"، أو يمنحها حرية الانفصال عنه دون أية ضغوطات عليها لا منه ولا من أي أحد، حسبما يرى العمارات.