اليوم وجراء التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي غيرت اتجاهات الأفراد، وعكست آثارها على حجم العلاقة ما بين الأزواج من جهة والأسرة من جهة أخرى، أصبحت المرأة صاحبة الدور الأكبر في الأسرة، وتشكل جزءًا هامًا في عملية بنائها، خاصة إن كانت امرأة عاملة ومُنتجة في شتى المجالات.
لهذا السبب، أخذت تتبوأ وبشكل غير مسبوق مناصب هامة، اعتلت خلالها هرم المسؤولية في كثير من الشركات والمؤسسات، إن لم يكن في بعض الدول أيضًا.
إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة باث البريطانية، بيّنت أن الأزواج يُصابون بحالة من التوتر عندما يكون راتب زوجاتهم أعلى من مجمل الدخل الذي يجنيه الزوج، فيما تزداد المشكلة عندما يجد الزوج نفسه معتمدًا على دخل زوجته اقتصاديًا، ما يوصل الأمور بينهما إلى الانفصال.
وما يفند هذا الأمر، وفق الدراسة، أن بعض أفكار الأزواج المتمثلة في ضرورة حصوله على عائد مادي أعلى من ذلك العائد للزوجة، قد تضر بصحته.
عقدة هو وهي
من هنا، يجد المتخصص في الدراسات الاجتماعية فارس العمارات أن هذا الأمر يستحق الانتباه والمراجعة من أطراف العلاقة جميعًا، والقبول بمبدأ الفروق الفردية في عملية حصول الزوجة على دخل أعلى، وامتيازات أفضل، جراء تفوّقها، وقدرتها على الإبداع والتميز؛ ما ينعكس إيجابًا على عملية دخلها.
بالمقابل، أبدى العمارات استغرابه، من عدم قدرة التقدم الذي توصلت إليه المرأة في المجالات كافة من تغيير بعض الأفكار والمفاهيم السائدة عند بعض المجتمعات، والتي بدورها تمنح الرجل الدور الأكبر فيما يتعلق بتأمين احتياجات الأسرة، وهو ما يعني ضرورة قبوله بمبدأ الاختلاف في الدخل مع زوجته، من جهة، ومن جهة أخرى، يُفترض أن لا يشعر الزوج بالضيق من ذلك الأمر، بالتحديد إن كانت مشاركتها معه في المصروفات نابعة من ذاتها دون أي نوع من التجمُّل عليه، ومن شعورها تجاه ما تكنّه من محبة وتقدير، ومن إيمانها بالظروف التي يمر بها الزوج جراء تدني دخله، على حد تعبير العمارات.
وفي المحصلة، إن حصول الزوجة على دخل عالٍ مقارنة بدخل زوجها، هو ميزة حسنة تعود عليه وعلى أسرته بالنفع، لقدرتها على تحقيق كافة أنواع الرفاهية والسعادة، وتكون سببًا في جودة الحياة لهما ولأولادهما، وهذا ما يتطلب من الزوج أن يحفزها ويدعمها، بدلاً من التحسس من تلك المسألة.
لا بد من القبول بالأمر
إنّ تغيير القواعد الحياتية والعادات الاجتماعية، التي يكون بموجبها الزوج هو من يؤمّن احتياجات الأسرة قد تسبب له مشاكل عدة داخل الأسرة، جراء انحرافه عن سكة المألوف، وعدم قدرته على القيام بواجباته على أكمل وجه، قد يهدد دوره كربّ أسرة لعدم كفاية راتبه وبالتالي تغطية الالتزامات الموكلة إليه.
لهذا، وانطلاقًا من أن الأدوار الأسرية أصبحت تقسّم ما بين الزوجين، وتُظهر حجم التشاركية بينهما، في ظل زيادة متطلبات الحياة التي أخذت تزداد يومًا عن يوم، فإنه وباعتقاد العمارات، لا بد وأن يتراجع التفكير في الخلافات بينهما جراء ارتفاع دخلها عما سبق، خاصة أن الباحثين اليوم عن الزواج يفضلون وبقوة الزوجة التي تعمل وتحصل على دخل مناسب حتى ولو كان يزيد على دخله.
وانتهى الباحث إلى أن الظروف الحالية تفرض قوة العامل المادي من أجل تسيير أمور الحياة؛ إذ كلما ارتفع الدخل كانت أمور الأسرة أفضل حالاً، ولو كان غير كافٍ أصبحت هناك مساحة للخلاف والنزاع الأسري جراء قلة الدخل وكثرة الطلبات والاحتياجات.
مذكّرًا بأهمية العقد الاجتماعي والاقتصادي الذي يجمع بين الزوجيْن، ويؤكد بأن دور كلٍّ منهما يُفترض أن ينبع من قناعة داخلية لا يمكن أن تؤدي إلى أي توتر أو خلاف حول ما ينفقون، سواء هو أم هي.