رغم أننا في عصر الثورة المعرفية التي تتيح للكثيرين سهولة إيجاد شريك العمر بكبسة زر أحيانًا، ثمة آخرون ينطبق عليهم: "الغريق الذي يتعلق بالقشّة" يدلفون على تلك السيدة التي تساعدهم في جمع "رأسيْن بالحلال"، نقصد بتلك السيدة "الخطَّابة".
كيف لا وهي بنك معلوماتي فيه رصيد كبير من أسماء الأشخاص الذين يبحثون عن الشريك بما يتناسب مع الصفات والمقاييس وبعض الشروط التي ربما تكون صعبة المنال أحيانًا.
السرّ في استمراريتها
المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات وهو يتحدث لـ "فوشيا" عن التطور الهائل في عناصر ومكنونات الحياة، يشير إلى أن الخطّابة ما زالت تحتفظ بدور هام في عملية التوفيق بين أطراف المعادلة الزوجية، وذلك لقدرتها على حفظ الكثير من الأسرار التي مكّنتها من النجاح في مجالها هذا.
ومن المعروف أن تلك السيدة لديها حكايات كثيرة لا يمكن البوح لها لأيّ كان حتى لا تُصاب العلاقات الزوجية بأي نوع من الكسل أو الشلل. وهي قبل كل شيء، ملجأ لبعض الفتيات والشباب في اختيار شريك العمر، ولديها كاريزما معينة في اختيار الباحثين عن الزواج، وتدرك جيدًا مَن مِن طالبي الزواج لديه النيّة الصادقة والجادّة، كما يقول العمارات.
كاتمة لأسرار الفتيات
من أهمية ما يميز الخطّابة هو "حفظ أسرار الفتيات"، لذلك يلجأنَ إليها علّهنّ يجدنَ الشريك الذي يتناسب مع طموحاتهنّ. عدا عن ذلك، لا يمكن الاستخفاف بما تقوم به كما يعتقد البعض؛ فحفظ أسرار الأشخاص وعدم اطّلاع أي أحد عليها، من باب الستر على من تتجه صوب بابها، سواء من خلال الاتصال بها أو من خلال الحضور شخصيًا، ليس بالسهل.
وباعتقاد العمارات، تزيد الخبرة والتجارب الكثيرة التي تملكها الخطّابة في انتقاء الرجل المناسب أو الزوجة المناسبة، من أهمية دورها، نظرًا لوضوحها وعدم اضطرارها للمبالغة أو الزيادة في المديح لأيٍّ من الجنسيْن، ناهيك عن أنها عادة ما تنصح في عملية الاختيار ممّن تُدخل أسماءهم في بنكها المعلوماتي بكل صدق وشفافية، كي لا تُقلب الطاولة على رأسها، وبالتالي تتحمل نتيجة اختيارها الخاطئ للشريك المطلوب، فتُصبح الشخصية المُلامة طوال الوقت، فتخسر سُمعتها ومهنتها.
الخطّابة أم مواقع الزواج الرقمية؟
ورغم أن الخطّابة مهنة تكتسب منها مبالغ مالية جراء تقديم خدمات التوفيق بين الراغبين في الزواج، بالمقابل، هناك مواقع متخصصة بالزواج تقرّب بين الأشخاص وتتيح فرصة التعرف على الناس من جنسيات مختلفة، وتتميز بتوفير الوقت والمال دون معاناة، إلا أن الأولى تبقى واقعًا ملموسًا، يمكن الوصول إليه في أي وقت، ودون أية إحراجات، وأكثر ما يهمّها تحقيق النتائج السليمة والمُرضية للطرفيْن، حسبما يرى العمارات.
في حين أن مواقع الزواج الرقمية هي عالم افتراضي، وربما أشخاصه غير حقيقيين، تتيح الخطّابة للباحث عن الارتباط تنسيق عملية الجلوس والحوار بشكل مباشر وطبيعي، دون أي نوع من الاحتيال، حفاظًا على سُمعتها وجلب أكبر عدد ممكن من الباحثين عن الزواج.