انتشر خلال العقود الماضية ذلك المصطلح الذي يُعرف بـ "اندفاع السكر" أو "sugar rush"، وتمّ إطلاقه على الحالة المزاجية أو الحركية التي تنتاب الشخص حين يفرط في تناول السّكّر، ودائمًا ما كان ذلك هو التفسير الذي يبرر به كثير من الآباء فرط نشاط أطفالهم وميلهم للحركة، لكن بحثاً حديثًا أظهر عدم صحّة ذلك تمامًا، بعدما توصّل الباحثون لنتيجة قاطعة مفادها أنّ مصطلح "اندفاع السّكّر" ما هو إلا خرافة.
وتُعدّ تلك الدراسة مهمّة للغاية لأنّها انطوتْ على تحليل شامل لـ 31 دراسة، وجاءت نتائجها واضحة وحاسمة في الأخير، فبينما كانت تشير الدراسات السّابقة إلى أنَّ قطع الحلوى ربّما تعزّز مستويات الطاقة لدى الأطفال، فإنَّ الباحثين في تلك الدراسة خلصوا بشكل قاطع إلى عدم وجود علاقة بين السّكّر والحالة المزاجية.
وقالوا إنّه وبغض النّظر عمّا يتمّ تناوله أو استهلاكه من حلويات أو مشروبات سكريّة، فإنَّ ذلك لا يحظى بأيّ تأثير على مستوى النشاط أو اليقظة.
وعن سرّ تشبّث البعض بفكرة الربط بين الحلوى ورفعها مستويات الطاقة بالجسم، قال دكتور جودي دوشاي، وهو طبيب متخصّص في الغدد الصّمّاء، إنَّ ما يزيد نشاط الطفل هو فرحته بالوجبة أو الحلوى التي يتناولها، وليس ما تحتويه من سكريات.
كما نوّه لاحتمال وجود سبب آخر، وهو أنّنا نميل لرؤية ما نبحث عنه، بمعنى أنَّ الأبوين الذين يتوقّعان من أطفالهم فرط بالحركة بعد تناول الحلوى قد يظنّان أنَّ ذلك هو السّبب.
ووجدت دراسة، قام فيها الباحثون بإعطاء مجموعة من الأطفال بعض قطع الحلوى الاصطناعيّة تحت ستار السّكّر، ثمّ طلبوا من ذويهم تقييم مستويات نشاطهم الزّائد، أنَّ ذلك هو ما يحدث بشكل جزئيّ على الأقل.
غير أنَّ الدراسة الشاملة التي أجريت مؤخرًا أكّدت بما لا يدع مجالاً للشك أنَّ فكرة "اندفاع السكر" ما هي إلا مجرد خرافة، وأنَّ مثل هذه المعتقدات الخاطئة ما زالت تؤثر إلى الآن على سلوكياتنا وتصرفاتنا.
وعلّق على ذلك الباحث الرئيسي بتلك الدراسة بقوله: "فكرة أنَّ السّكّر يمكن أنْ يحسّن الحالة المزاجية هي فكرة تحظى بانتشار كبير في الأوساط الشعبية، وهو ما يفسّر سرّ إقدام كثيرين حول العالم على تناول مشروبات سكرية ليزيدوا يقظتهم أو ليقاوموا التعب".
وتظهر الإحصائيّات كذلك كيف أنَّ اعتقاد الناس بفكرة "اندفاع السّكّر" يتّضح بشكل كبير في النظم الغذائية التي يتّبعونها، فقد تبيّن على سبيل المثال، وفق بيانات نشرت عام 2008، أنَّ المواطن الأمريكيّ يحصل في المتوسط على 14.6 % من سعراته الحرارية اليوميّة من السكريات المضافة، وذلك في الوقت الذي توصي فيه الإرشادات الغذائية الخاصّة بالأمريكيين ألّا تشكّل السكريات المضافة أكثر من 10 % من السعرات الحرارية، وأنَّ تلك النسبة تقلّ عن ذلك في دول أخرى.