"من المنزل إلى العمل ومن العمل إلى المنزل.. لا يفكر بعمل شيء آخر" شكوى تتكرّر من الزوجة التي اعتادت عودة زوجها من عمله في وقت باكر، ومن ثم ملازمة المنزل والأكل والشرب والانتقاد لحين قدوم اليوم الثاني ثم الذهاب للعمل، فهذا جلّ اهتمامه.
المشكلة الأكبر تكمن عندما تشعر هذه الزوجة بمصادرة حريتها بالكامل، وتضييق الخناق عليها وعدم قدرتها على التحرك دون تقييد أو ترصُّد للأخطاء، خصوصًا أن بقاءه مطوّلاً في المنزل يزيد من طلباته التي لا تتوقّف.
فلماذا تكره الزوجة بقاء زوجها في المنزل؟
الاختصاصي النفسي باسم التُّهامي يرى أن تدخل الزوج في كل ما يخصّ تحركات الزوجة والأولاد بشكل متكرر وضمن مساحة ضيقة، من الأمور التي تنفّرها من تواجده في المنزل لوقت طويل، خصوصًا إن أجبرها على إيلاء مطالبه كل الاهتمام قبل التركيز على شؤون المنزل وشؤونها، فيكون سببًا في تعطيل خططها للنهار بأكمله.
بالتالي، وتفاديًا لانفعالاته ونشوب خلافات بينهما، تصبح هي بمثابة أداة لتنفيذ أوامره فقط، فتكره تواجده شكلًا وموضوعًا؛ لأن تقبُّل النقد والتشدُّد في الكلام والعصبية بشكل عام، أمرٌ ترفضه الزوجة.
"على الرجل كي يُطاع أن يطلب المستطاع"؛ فضغوطات الأسرة وطلبات المنزل واحتياجات الأولاد الواقعة على عاتقها كفيلة بأن تُشعرها بالإرهاق، ومن غير الصحيّ، أن تأتي طلبات الزوج وانتقاداته على كل كبيرة وصغيرة لتزيد الطين بلّة، فتكون النتيجة صعوبة استرجاع الهدوء الداخلي للمنزل.
كيف تتصرّف من جانبها؟
لا بد وأن تتعامل الزوجة مع الموقف بشكل حاسم وصارم، ومطالبته تولّي أموره واحتياجاته وحده، باستثناء القيام بواجباتها نحوه من حيث تحضير طعامه وشرابه، ولا ضيْر من مشاركتها أشغالها اليومية بدلاً من زيادة أعبائها، أو تركها تتدبّر أمور بيتها حسب معرفتها، يقول التُّهامي.
لذلك، يستطيع الزوج ابتكار أنشطة شبه يومية، كزيارة أصدقائه وأقاربه وممارسة أعمال من شأنها إشغال نفسه بدلاً من بقائه في المنزل. بالمقابل، لا يعني ذلك إلغاء أهمية وجوده إن كان متابِعًا ومحركًا رئيسيًا لشؤون أسرته، فيما بقاؤه ضروري في المواقف التي تتطلّب قرارات حتمية ومصيرية، شريطة أن لا يُسبب أذًى نفسيًا ومعنويًا، وأن يحدّ من انتقاداته من أجل استمرارية الحياة داخل الكيان الأسري.
وانتهى التُّهامي إلى أن التفاهم دائمًا ما يكون الحل الوحيد والفاصل في مثل تلك الأمور؛ لتخفيف نشوب خلافات أو اعتراضات جرّاء إقحام رأسه في كل شيء.