الظروف التي تُجبر الفتاة الكبرى في العائلة على تحمُّل المسؤولية الكاملة عن أسرتها وبيتها بأكمله، فتكون بمثابة العمود الأساس الداعم لكل من حولها، تضطرها أحيانًا للتضحية بالزواج والخروج للعمل من أجل مساعدة عائلتها؛ ما يعرّضها للنظرة الدونيّة لأنها لم تحظَ بالعريس بعد.
المسألة تحمل في طياتها سلاحًا ذا حديْن، أحدهما الرغبة والإصرار على حمل تلك المسؤولية وحدها، فتقوم بها وهي على قناعة تامة بقدرتها على إدارة دفة بيتها؛ لأنها المرجع الأساس لأي خطة متعلقة به على الأقل.
ومن جهة أخرى، ربما تصبح مع الوقت إنسانة مغرورة، يصعب التفاهم معها، فقرارها الذي تتخذه محسوم، وغير قابل للنقاش.
تعقيدات وانتقادات
الصادم في المسألة، وفق ما يبيّنه الأخصائي النفسي باسم التُّهامي اتخاذها قرار "الانفصال الجسدي" عمّن كانوا يعتمدون عليها في كل صغيرة وكبيرة، والبدء بحياة جديدة، والزواج من رجل ربما يحقق لها الارتياح بعد تعب السنوات التي عانت فيها وهي تدعم الجميع بينما لا تجد من يكترث لها ولاحتياجاتها الشخصية، فهل هذا يفرض عليها خلق توازن بين أسرتها وحياتها الجديدة؟.
والأصعب ربما يكون بملاقاة بعض التعقيدات والانتقادات من المستفيدين منها، خصوصًا أن التغيير الجديد سيصعّب عليهم تدبّر شؤونهم بعيدًا عنها، وتقبُّلها كمصدر من مصادر المساعدة فقط لا غير دون التدخل بشكل عميق كما كان يحدث من قبل.
انعكاسات سلبية على الجميع
قد ينتج عن ضغوط عائلتها انعكاس سلبي على حياتها الزوجية وعلى زوجها، فتقع في حيرة الاستمرار بمسؤولياتها نحو أسرتها أو تسليم الراية لأشخاص آخرين يحلون محلها، كما يقول التُّهامي.
لقاء ذلك، إن لم تستطع إحداث التوافق بينهما؛ يعتقد التُّهامي أن تصل بها الأمور إلى رمي كل الأثقال خلفها، والدفاع عن متطلباتها وحقوقها الشخصية ورغبتها في الاستقلالية دون الاعتماد على أي طرف، رغبة في تحقيق الراحة النفسية والطمأنينة نوعًا ما، والاضطرار للابتعاد عنهم وتخفيف التواصل بينهم لبعض الوقت.
والحل الحقيقي، يتطلب من الأهل سعيهم للاستقلالية والاعتمادية على إدارة أمورهم وحدهم، وكسر الجانب المتعلق بالاعتمادية عليها، والإبقاء عليها مجرد مصدر من مصادر الدعم والمساعدة، والرجوع إليها في استشارتها فقط لا غير.
والأهم، تركها تعيش حياتها كما تستحق وكما تريدها، فهي لها من مكوناتها ومن رغباتها ما تسعى إلى تحقيقه بشكل مستقل.