بات انتشار الفيديوهات التي تُصوّر الاعتداء على الأطفال، إن كان جسديًا أو جنسيًا، كالنار في الهشيم، بتقدير أصحاب الاختصاص والمسؤولية، ويُشكّل انتهاكًا صارخًا لخصوصية الطفل، وعلى المدى البعيد تترك أثرها السلبي العميق عليه، حتى وإن لم تظهر إلا عند وصوله مرحلة البلوغ، عندما يراها بطريقة أو بأخرى أنها كانت تعنيه شخصيًا.
إنّ سوء هذه الظاهرة يتمثّل في كون تسريبها يتم فقط في الحالات الشديدة التي تؤدي للموت أو الإعاقة، أو بالمصادفة البحتة من داخل الأسرة، بينما يقتضي القانون تبليغ الجهات الرسمية مباشرةً كواجب قانوني، وأخلاقي وشرعي.
انتهاك لحقوق الطفلة وبراءتها
خبير السوشيال ميديا حاتم الشولي وهو يستعرض لـ "فوشيا" كيفية إعادة نشر الفيديوهات المسيئة للأطفال عبر منصات التواصل الاجتماعي دون مراعاة خصوصياتهم وبراءتهم، بيّن أن فيديو الطفلة المعذَّبة في السعودية قد خرق القوانين الأخلاقية التي يمكن ممارستها عبر تلك المواقع.
وعدّ الشولي سعة انتشار ذاك الفيديو، انتهاكًا واضحًا لحقوق الطفلة في التعاطي مع هكذا قضية. منوّهًا إلى أن المساءلة الصعبة تقع على نشطاء مواقع التواصل الذين ارتكبوا جريمة أخرى هي التشهير بطفولتها وعرض مشاهد لا إنسانية مرفوضة أساسًا بشكل قاطع.
لماذا انتشر الفيديو بالأساس؟
الشولي يُجيب عن هذا التساؤل بسرد الأسباب التي تجعل أصحاب هذه الفيديوهات يلجؤون لمواقع التواصل الاجتماعي كحل نهائي لمشاكلهم، باعتبارها الطريقة الأسهل والأسرع، وهي كذلك هذه الأيام.
وهذا ما فعلته أمّ الطفلة، حيث استخدمت "تعنيف طفلتها" لتبرهن للناس وحشية الأب التي أعاقتها حتى عن محاولة حمايتها أو إرسالها للجهات المختصة التي تعاملت مع الموضوع بعد تداوله عبر منصات الإعلام المجتمعي.
ومع أن قوانين وأعراف منصات التواصل الاجتماعي عموماً، تحظر أي محتوى يوثّق مشاهد عنف ضد الأطفال، إلا أن هذا الحظر، بحسب الشولي، يأتي في معظم الأحيان متأخرًا، وهو ما يتيح الوقت لتداوله خلال هذه الفترة.
أهداف مقصودة ومُخطَّط لها
يرى الشولي، أن أهدافًا عديدة يمكن تسجيلها لظهور مثل هذا المحتوى المفاجئ الذي يُستغل فيها ظهور الأطفال بصورة أو بأخرى. بعضها أهداف تجارية وكسب مشاهدات مرتفعة، ومنها وهو الأكثر بروزًا دافع حب الظهور والشهرة. وفي المقابل، لا نستطيع أن نلغي هدف التوعية أو طرح مشكلة لتصبح قضية رأي عام، وإن كان هو الأندر.
ويستذكر الشولي أن حب الظهور والشهرة ودور البطولة، يتجلّى بالعديد من أشكال المحتوى التي انتشرت مؤخرًا بهدف إشباع فضول المتابعين وحصد أرقام متابعة أعلى، في ظل تنافس غريب على جمع الأرقام القياسية في القراءة واللايكات.
من المسؤول عن إيقاف هذه الفيديوهات؟
الخبير الشولي لا يرى بديلًا أقوى في إيقاف هذه الظواهر على مواقع التواصل، من تفعيل وجود المؤسسات المعنية ذات السلطة والدراية، وفتح قنوات الاتصال المباشر مع الجمهور بشكل أوسع من أجل التوعية والتقييم المسبق لمحتويات الإعلام المجتمعي.
وخلص الشولي إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي المحور الأساسي في هذه الحرب الأخلاقية، والتي من واجبها أن تطور منظومتها الأساسية لمحاربة المحتوى غير الأخلاقي والمتطرف الذي يحتوي على مشاهد العنف المرفوضة إنسانيًا.