حالة من الغضب انتابت رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدما نُشر فيديو الأب يوسف القططي الذي يعذب طفلته، بدعوة إجبارها على الوقوف والمشي.
وفي الوقت الذي ظهر فيه الأب في فيديو لاحق ليبرر فعلته، كان هاشتاغ "#نعم_لمحاكمة_يوسف_القططي" قد تصدّر مواقع التواصل الاجتماعي.
غضب متابعي الفيديو أطفأه إعلان الأمن السعودي إلقاء القبض على معذِّب الطفلة وتوفير الرعاية اللازمة لها، بعدما تبين أنه فلسطيني الجنسية ويقيم في الرياض.
وسبق نشْرَ هذا الفيديو مجموعةٌ أخرى من الفيديوهات نقلت صورة بشعة من تعذيب الأطفال، ما استدعى تناول ومعرفة العقوبة الصحيحة التي يستحقها كل شخص يحاول تعنيف الأطفال جسديًا.
العقوبة التي يستحقها يوسف القططي
عن هذا الموضوع، بيّن المحامي المتخصص بعنف الأطفال الدكتور بخيت الخلايلة لـ "فوشيا" أنه وبحسب قانون الحماية من العنف الأسري، يندرج فيديو تعذيب الطفلة تحت "عنف الجُنحة" أو "المعاملة القاسية اللاإنسانية والمُهينة للأطفال".
والقانون بشكل عام، يمنح للآباء حق تأديب أبنائهم، بشرط الابتعاد عن الضرب أو العنف المبرح القاسي وبحسب العُرف العام، وفي حالة هذا الأب، فإن ضرب الطفلة لا يندرج تحت تأديبها، إنما هو تعذيب نفسي وجسدي بصورة هي أشد من الإيذاء نفسه.
ولكن حتى تتم معاقبة الأب بشكل قانوني وسليم، يجب عرض الطفلة على الطب الشرعي والنفسي لتبيان مدى الإيذاء الذي تعرضت له على الصعيديْن النفسي والجسدي، وعلى ضوئه يتم تقييم العقوبة الأنسب التي يستحقها يوسف القططي، بحسب الخلايلة.
أما عن قصة زوجة القططي بفضحه من خلال الفيديو لتثبت للجميع دوافع رغبتها للانفصال عنه، فهو بحسب الخلايلة لا يُبرر فعلتها نهائيًا مهما كانت، لوجود وسائل عديدة تساعدها في التخلص من زوجها. ولكنها غلّبت مصلحتها الشخصية على مصلحة طفلتها بدلاً من حمايتها من جُرم أبيها، لهذا هي تستحق العقاب أيضًا.
عقوبة القططي وفق القانون السعودي
أما في القانون السعودي، المحامي والمستشار القانوني يوسف بن ضيف الله الزايدي يقول لـ "فوشيا" عن الإجراءات المتبعة في حال تعنيف الطفل، فإنه يتم ضبط المُعنِّف وتسليمه إلى النيابة العامة، وإحالة الاتهام إلى المحكمة الجزائية؛ لتنزيل العقوبة التأديبية المقدّرة من قبل القاضي، وذلك وفقاً لما نصّت عليه المادة (13) من نظام حماية الإيذاء.
أما عقوبة الأب، فتكون بالسجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف ريـال، ولا تزيد على 50 ألف ريـال، أو بإحدى هاتيْن العقوبتيْن، له ولكل من يرتكب فِعلاً يشكّل جريمة من أفعال الإيذاء الواردة في المادة الأولى من هذا النظام، وفي حال تكررت فعلته فإن العقوبة تتضاعف، وللمحكمة إصدار عقوبة بديلة.
يوسف القططي بعد أن ألقت الأجهزة الأمنية السعودية القبض عليه، أحالته للنيابة العامة، وبعدها سيُحال للمحكمة الجزائية لتطبيق العقوبة التي غالبًا ما ستكون تقديرية حسبما يرى القاضي، بعدما يتبيّن إن كانت الطفلة قد تعرضت لأي أذى نفسي أو جسدي، ووضع الأب عما إذا كان سويًّا أو غير سويّ.
حماية الطفلة قبل كل شيء
المحامية والمديرة التنفيذية لمركز ميزان للقانون إيفا أبو حلاوة، فتؤكد وجوب دفاع الأم عن طفلتها قبل كل شيء؛ لأنها مسلوبة الإرادة وضعيفة، وغير مدركة لما يدور حولها، ولا يمكنها الفرار أو الهرب من تعنيف أبيها، لذلك كان من المفروض عليها حمايتها ثم إبلاغ الجهات الأمنية.
ومع ذلك، أعطت بعض الآراء المتداولة العذر للأم، تحديدًا إذا كانت قد تعرضت للعنف أو التهديد المسبق من زوجها القططي، وأن غُربتها وعدم معرفتها في كيفة التواصل مع الجهات المعنية، ألزماها الصمت أمام المشهد.
وأضافت أبو حلاوة: "من المهين والمسيء قبل كل شيء عرض الفيديو دون تغطية وجه الطفلة، لأنه سيعرّضها لأضرار نفسية في المستقبل، خصوصًا عند دخولها المدرسة والجامعة والاحتكاك مع الناس"، منوّهة إلى وجود قوانين تمنع تداول صور الأطفال، كي لا يتعرضوا لأية آثار نفسية تبقى معهم على المدى البعيد.
وفي الوقت نفسه تساءلت أبو حلاوة، عن سبب عرض الفيديو بعد 4 سنوات، رغم وجوب الإبلاغ عن هذا التعذيب بعد وقوعه مباشرة، فلماذا هذا الوقت تحديدًا، أي بعد وقوع خلاف ما بين أطراف النزاع؟
وخلصت برفضها أن تُكيّف مثل هذه الجريمة كجرائم إيذاء، لأنها قد تشكل جريمة شروع بالقتل، أو التسبب بـ "عاهة دائمة" مطالبة التشدد في مثل تلك القضايا ومعاقبة الأب وإن لم تصدر تقارير طبية تؤكد إصابة الطفلة بأي أذى، فأذاها النفسي ربما أكبر من الجسدي. راجية بالمقابل، أن يكون الهدف من نشر هذا الفيديو تخليص الأطفال من العنف بشكل عام ودائم وليس لأغراض أخرى.