دائمًا ما يحتاج الأطفال للشعور بحبّ الآباء "غير المشروط"، أي لا يشعروهم به أو يحرموهم منه متى وكيفما شاؤوا، وأن لا يتعارض أيضًا مع القيم والأخلاق التي يغرسونها بهم.
عن هذا الموضوع، تُوضّح مؤلفة كتاب: "نعم، لو سمحت. شكرًا" بيني بالمانو، مدى أهمية إظهار الآباء الحب لأبنائهم بطرق مختلفة تتمثّل بالعاطفة الجسدية والاحترام والقبول والعناية بهم.
فمنذ اليوم الأول الذي يخرج به الطفل للحياة، يحتاج إلى الاتصال الجسدي والعقلي مع أبويْه، بدءًا من تقبيله أو عناقه، أو مسحة لطيفة على خدّه، أو "ضمة ذراع" حول الكتف، مع إخباره أنهما يحبانه، وهذا ما يُعزّز لديه الشعور الدائم بالطمأنينة.
بالمانو تُنوّه إلى أن الطفل لا يحتاج للحب في فترة الطفولة فقط، ثم تركه وشأنه، إنما يحتاجه طوال فترة نموه وصولاً إلى بلوغ سن الرشد.
إظهار الآباء مشاعر الحب أمامه
من المسائل التي ركّزت عليها بالمانو، وجوب بذل الآباء جهودًا أكثر من أجل إظهار الحب لأبنائهم، من خلال تبادل المودّة بين الوالديْن أنفسهم أمام أطفالهم، فهذا من شأنه خلق بيئة مُفعمة بالحب عندهم، كما يُسهّل على الطفل إظهار حبّه الجسدي لأبويْه إذا كان يعيش في كنف أسرة مُحبّة، بخلاف أقرانه الذين حُرموا منه في طفولتهم.
أمثلة كفيلة بإظهار الحب للطفل
ضربتْ المؤلفة بالمانو بعضًا من الأمثلة الحيّة التي من شأنها إظهار الحب للطفل، كأن يقوم أحد الأبويْن بإرسال رسالة للابن في المدرسة قبل دخوله قاعة الامتحان مثلاً يقول فيها: "حظًا موفّقًا يا بنيّ.. قلبي معك.. أرِهم أنه باستطاعتك فعل ذلك بجدارة! أحبك.. أمك/ أبوك".
ويمكن مثلًا مفاجأته عند عودته من المدرسة بوجبة لذيذة، أو إذا أخفق في تحقيق أمر ما في مدرسته كان قد بذل كل ما في وسعه من أجل تحقيقه، يمكن تقديم الحلوى التي يُحبها، بغرض إدخال السرور إلى قلبه، وتعزيز الأمل لديه في المرات القادمة بدلاً من توبيخه الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخذلان والإخفاق أكثر.
وينبغي على الآباء أيضًا السماح لطفلهم الدخول إلى عالمهم وإشراكهم فيه بالحدّ المقبول من خلال قضاء الوقت الممتع واللعب وتبادل النّكات والقصص المضحكة معهم، وإشراكهم كذلك ببعض الأعمال كصنع قالب من الحلوى في المطبخ، أو ملء إطار السيارة بالهواء، أو ريّ الأشجار في الحديقة، وهذا من شأنه توطيد محبة الأبناء تجاههم، وتعزيز ثقتهم بنفسهم بصورة أكبر.
وما خلصت إليه المؤلفة أنه لا يكفي البوح للطفل بالحب على فترات متقطعة أو متباعدة، بل تذكيره بذلك كل يوم، إذ يمكن إلقاء بعض العبارات على مسامعه، التي لها وقْعٌ كالسّحر على تطوره الإيجابي وتطوّر صحته العقلية والنفسية التي ستلازمه طوال حياته، منها على سبيل المثال: "كم أنا محظوظ لأنني أمك/ أبوك"، أو "أنا حقًا فخور/ فخورة بك يا ولدي".