كثيرًا ما نتعرضُ للشعورِ بالحزنِ دون سببٍ واضح، ونشعرُ بعدمِ السعادة بصفةٍ دائمة؛ ما يضعنا في حيرةٍ من أمرنا، بحثًا وراء الأسباب والتفاصيل، ويصيبنا الارتباك ولا نعرفُ هل هو حزنٌ أم اكتئاب؟.
ونقلاً عن موقع "سيكولوجي توداي" يوضّح جاي ونش، عالم النفس ومؤلف كتاب "الإسعافات الأولية العاطفية" أنَّ رفض التعافي والشعور بالذنب والفشل وغيرها من المشاكل النفسية الناجمةِ عن الضغوطات اليومية تُعد جميعها أسبابًا كافيةً للشعور بالحزن، فهو عاطفةٌ إنسانيةٌ طبيعية، تنتاب المرءَ من وقت لآخر.
وأضاف ونش: "سنوضح الفرق بين الحزن والاكتئاب، فعادةً ما ينشأ الحزن بسبب تجربةٍ قاسية أو موقفٍ صعب أو نتيجة الفشلِ في أحدِ التحديات، وغالبًا ما تنتهي حالة الحزنِ بمجرد انتهاء الموقف أو الظروف في حين أنَّ الاكتئاب هو حالة عاطفية منتشرة، ويظهرُ الحزن نتيجة للاكتئاب فهو اضطراب مزاجي كبير يجب تقييمه من قبل طبيب مختص".
وربما لا تقدمُ السطور السابقة أمورًا جديدة، لكن الأسباب الآتي ذكرها ستغير فكرتنا عن أسبابِ الحزن ومنها:
الصراع بين الماضي والمستقبل
تقول جينيفر تواردوفسكي، مدربة الحب الذاتي والمعالجة النفسية: "يمنعنا التفكير في الذكريات المؤلمة من الشعور بالسعادة، فالتركيز على ما حدث في الماضي يجعلنا لا نستمتع بالحاضر أو حتى التفكير في المستقبل، نصيحتي لهؤلاء بعمل وقفة حقيقة مع النفس، مع أخذ نفسٍ عميق والنظر لما هو بين أيدينا والرضا به".
إدمان وسائل التواصل الاجتماعي
وفقًا لاستطلاع الرأي هذا العام، يقضي الشخص العادي ساعتين و 22 دقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن عندما أجريت التجربة على من يستخدمون فيسبوك باستمرار، كانت النتائج إيجابيةً؛ إذ يشعرون بالسعادة ولا يميلون للحزن والوحدة، في المقابل كانوا أكثرَ عرضةً بنسبةِ 55% للإجهاد مقارنة بالآخرين.
نخلص مما سبق إلى أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي لا تسبب الحزن بحد ذاتها، لكن الإفراط والإدمان في استخدامها هما السبب وراء الحزن الدائم.
أهمية الأمور المادية
دائمًا ما ننظر للسعادة على أنها ماديةٌ؛ فشراء الأشياء والماركات الباهظة هي كل ما نتطلع إليه، لكنها للأسف لا تجلب لنا السعادة، وهو ما تؤكد عليه جينيفر تواردوفسكي في أحد كتبها بقولها: "دائمًا ما نوحي لأنفسنا أنَّ المال والشهرة هما طريق السعادة، وهذا من الأمور الخاطئة؛ إذ لم يشعرانا بالسعادة قط، لأن السعادة تنبع من داخلنا وطريقة تفكيرنا وأسلوب حياتنا على هذا الكوكب".
الاستمرار في علاقةٍ سامة
يمنعنا الاستمرار في علاقةٍ سامة والإصرار عليها، من الشعور بالسعادة؛ لأنها ببساطة هي مصدر التعاسة والعذاب، ويرجع السبب للخوف من الوحدة، ولكنها أفضل بكثير من العلاقات الفاشلة بحسب كارولين مولر، الأخصائية النفسية، التي تؤكد على فهم أنفسنا كي نتمكن من فهم الأخرين، وبالتالي نستوعب طريقة تفكيرهم وكيف سيحققون احتياجاتنا العاطفية وتوقعاتنا من هذه العلاقة.
العزلة سبب كافٍ
ستتسبب العزلة في الشعور بالتعاسة لا محالة والعكس، بحسب رأي ترافيس برادبيري، مؤلف كتاب الذكاء العاطفي، فهو يؤكد على أنَّ انعزال الشخص عن الناس ومواقع التواصل، يُعد من مظاهر عدم الرضا، ويكمن الحل في الانخراط داخل المجتمع والبحث عن المزيد من الأصدقاء الجدد.
تجنب التحدث عن المشاعر
تقول جينيفر تواردوفسكي: "نشعر بالضيق عندما تحدثُ أشياء تزعجنا بطبيعة الحال، لكننا نتجنب الإحساس بمشاعرنا أو بالأحرى نتجاهلها؛ ما يجعلنا ندخل في حالات الاكتئاب والإدمان وغيرهما من المشاكل النفسية المعقدة، اسمحي لنفسك بالتعبير عما يختلجها من مشاعر مهما كانت سلبية، ولا تفرقي بين السلبي والايجابي فكلها مشاعر موجودة بالفعل في حياتك وهي جزءٌ منك، وعليك معالجتها بالقبول والحب".
هل تحكمك عواطفك؟
لا تجعلي مشاعرك السلبية تتحكم بك، هذه نصيحة عالمة النفس كارولين مولر، وأردفت: "اجعلي عقلك هو المتحكم في إداراتك لمشاعرك، خذي نفسًا عميقًا واجعلي من الرياضة والتأمل المتنفس الحقيقي لك للخروج من هذا المأزق النفسي".
الأشخاص السلبيون
عندما تحاطين بالأشخاص السلبيين الذين يصدَرون الطاقة السلبية لك طوال الوقت، ستكون التعاسة النتيجة الحتمية لذلك، ابتعدي عن هؤلاء الأشخاص، وابحثي عن الأشخاص الملهمين المحبين ممن يتمنون لك الأفضل، ويتحدثون عنك بإيجابية ويشعرونك بقيمتك، ولا تضيعي وقتك مع من ينتقدكِ ويقللُ من شأنك.
ولكي تتخلصي من هؤلاء الأشخاص، لا سيّما المقربين منهم كزميلٍ في العمل أو أحد أفراد الأسرة، توصي برادبيري، بوضع الحدود لهم حتى لا يتدخلوا في شؤونك الخاصة أكثر من اللازم.
إلزام نفسك بالمستحيل
إذا كنتِ ممن يلزمون أنفسهم بمعايير مستحيلةٍ لتحقيق أهداف نبيلة، فتوقعي الشعور الدائم بالتعاسة؛ لأنكِ دائمًا تحكمين على نفسكِ بالفشل وتنتقدينها بشكلٍ مفرط، عليك التوقف عن انتقادِ نفسك أو الآخرين حتى تنبع السعادة من داخلك.
تشفقين على نفسك دائمًا
استسلامكِ للشعور بالشفقةِ على نفسك، ربما يتسببُ في التعاسة؛ لأنكِ ترين نفسك دائمًا كضحيةٍ لأفعال الآخرين، ويكمن الحل في إعادة صياغة أفكارك وإدارتها بشكلٍ عقلاني، ولا توحي لنفسكِ بأنك مكروهة وغير مرحب بوجودك، وليس معنى أنَّ هناك شخصًا يكرهك أنَّ العالم كله ضدك، ذكّري نفسك بأحبائك واشعري بالقرب منهم.
التركيز على الأخذ وليس العطاء
العطاء متعةٌ كبيرةٌ لا يشعر بها إلا من جربها واستمتع بها، والكرم سبب كافٍ للشعور بالرضا والسعادة، جربي العطاء بدلاً من الأخذ، وركزي على نشر السعادة في قلوب الآخرين، وقتها ستشعرين بالرضا والامتنان والسعادة.