بعد أن غزت الرقمية عالمنا، وأصبحت دون رقابة أو حدود، والتجوال فيها لا يحتاج إلى تأشيرة أو فيزا، والحدود مفتوحة على وسعها رقميًا، فقد أصبح المجال متاحًا لأيٍّ من الذين يحاولون التجوال في هذا العالم، وعمل ما يحلو لهم وصولاً إلى حدّ "اختيار شريك الحياة".
وأخذت بعض المواقع المتخصصة بالزواج والتقارب في العلاقات العاطفية باستغلال الرقمية للتقريب بين الشباب والفتيات، بغرض إقامة علاقات زواجية بينهما، من خلال عرض الملفات والمعلومات المتعلقة بهم، وبحث كل طرف عمن يتوافق معه في الصفات والتطلعات، ليصبح التعارف رقميًا وبعيدًا عن أعين الناس.
مقابل ذلك، كانت دراسات نفسية بريطانية أشارت إلى أن ما نسبته 40% من علاقات الحب عبر تلك الوسائل كان مصيرها الطلاق؛ لأن الحب كان قد حدث في عالم افتراضي.
السريّة، تلك الصفة التي يرغبها اليوم الكثير من الشباب والفتيات، هي أكثر ما يميز تلك العلاقة، انطلاقًا من الحرص على عدم اطلاع الآخرين على تفاصيلها، والخشية من عدم ارتقائها إلى مستوى علاقة "مكتملة الأركان"، من وجهة نظر المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات.
ويعتبر هؤلاء أن السرعة وتوفير الوقت والجهد والمال دون معاناة أولاً، والتعارف على أشخاص من جنسيات مختلفة وبالتالي إتاحة فرصة التنوع في الارتباط والتزاوج ثانيًا، إلى جانب أن أي فشل قد يصيبها لن تكون عواقبه وخيمة، بخلاف ما إذا كانت معروفة من جهة أخرى ثالثًا، هي عوامل شجعت على الدخول في تلك النوعية من التعارف الرقمي، بحسب العمارات.
البساطة وقلة التكاليف
لهذا كله، لاقت مواقع الزواج التي اقتحمت العالم قبولاً منقطع النظير، لتميزها بطبيعتها وبساطتها وقلة تكاليفها؛ إذ لا يتخللها جلسات ولا نفقات ربما تكون غير منطقية. وأما إذا أصابها النجاح فستكون محط إعجاب الآخرين، وإن لم يُعلَن عن تفاصيلها مسبقًا.
مقابل هذا، لفت العمارات إلى رفض وعدم اقتناع الكثيرين لفكرة التعارف الرقمي، وذلك لعدم منحه فرصة تلاقي الطرفيْن عن قُرب، وبالتالي لا يستطيع أي طرف تحقيق احتياجات الآخر، وتكوين التصوّر الكامل عن مواصفاته وسلوكياته على أرض الواقع، ناهيك عن أن العلاقة الرقمية لا تتمتع بالطعم الذي يجب أن يتعارف عليه أي طرفيْن.
والخوف الأكبر من الزواج الرقمي هو باعتقاد العمارات، أن تكون بعض الشخصيات والأسماء والمراكز في تلك المواقع مستعارة ووهمية، والانطباع عن بعضهما ليس حقيقيًا؛ ما ينتج عنه إيذاءً حقيقيًا وصادمًا لهما.