بعدما طالبت المرأة بالمساواة بينها وبين الرجل، ثم طغت العولمة الاجتماعية على سيرورة الحياة الزوجية، أصبحت الزوجة في منزلها وكأنها ندٌّ لزوجها؛ فكما يقول تقول، وكما يفعل تفعل، حتى حواراتها بدأت تأخذ منحىً وطابعًا جديدًا، يحمل في طياته تحذيره من التعالي وفرض سلطته عليها.
وكأن في البيت رجلين، لكلٍّ منهما الحق في تقييم الآخر، سواء في الكلام أو في العمل؛ ما أدى إلى اختلال التوازن، وعدم معرفة كلمة مَن تُنفَّذ في المنزل، كلمة الرجل أم المرأة؟
رجلان في بيت واحد
إن الزوجة التي تدخل عش الزوجية بهذه الصورة، ومن ثم تسير حياتها على هذا المنوال من الندّية والمنافسة غير الإيجابية مع زوجها في كل شأن من شؤون الحياة، يؤكد المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات حتمية فشلها، جراء ما سيعانيه هذا العش من خلافات واسعة بين طرفيْ المعادلة، والكثير من الصراعات.
ومن غير الصحي أن تصنع الزوجة آفاقًا ضيقة مع زوجها في مجالات حياتهما المتعددة، بحسب العمارات، ويقول: "كلما تغلغلت الخلافات بينهما ستكون سببًا في تعقيد المشهد، لا سيما إذا ظنّت أن الصراع هو نتيجة قوتها وقدرتها على إدارة المنزل كما يروق ويحلو لها".
والأجدى كما ينصح العمارات، جعْل التفاوض والحوار بين الطرفين من الأركان الرئيسة التي تصبّ في صالح الأسرة واستقرارها، وتحقيق أهدافها التي تتطلع إليها من أجل حياة فضلى.
كيف يُبرز الرجل دوره؟
لقاء ذلك، من المفروض، أن يكون الزوج متسلّحًا بأخلاقيات الحياة الزوجية، كي تسير حياتهما دون قيود أو قائد، ولا تنقصه في الوقت نفسه الإدارة الأسرية ومفاهيم التفاوض، وأن يكون زوجًا بمعنى الكلمة، قادرًا على الحوار والتشارك وقبول رأي زوجته وقراراتها إن كانت تصبّ في صالح الجميع، كما يرى العمارات.
ويقول أيضًا: "إن الزوجة الناجحة هي التي تجعل من زوجها سيدًا لها، فتعطيه مكانته وتقدّره وتجلّه، وتجعل له مكانة كبرى في حياتها متجاوبة مع تطلعاته وأفكاره ورغباته التي تقع ضمن منظومة القيم التي لا تحيد عن الصواب" .
بالمقابل، لا تُنقص طاعة الزوجة لقرارات زوجها من كرامتها ولا حريتها وإنسانيتها، والأمر ينطبق على الرجل كذلك. وحتى وإن كانت له القوامة، يبقى مطالَبًا بتأدية مهامه وحقوقه تجاه زوجته، يقدم لها الاحترام والإنصات لاحتياجاتها، وتثمين جهودها، والأخذ برأيها إذا كان فيه الصواب.
ومما لفت إليه العمارات في ختام حديثه ضرورة الابتعاد عن التضادّ، وصنع المنغصات في علاقتهما، وإن كانا يتساوان في العلم والمعرفة والمستوى الاجتماعي أو حتى المدخول المادي، بدلاً من النديّة والتضاد اللذين لا يؤديان إلا إلى نتائج وخيمة.