هل إزالة الحواجز مع المُعلم تصب بمصلحة الطالب؟

أرشيف فوشيا
فريق التحرير
4 مارس 2019,10:22 ص

تستوقفنا في كثير من الأحيان العلاقة بين المعلم والطالب، خصوصا عندما نقارن بين الأمس واليوم، ففي الماضي كان الطالب يخشى مرور المعلم في ذات الشارع، بل ويتحاشاه ويختبئ منه، بينما نرى اليوم الطالب يتراسل مع معلمه عبر الواتساب أو الفيسبوك.

لكن، هل إزالة الحواجز بين المعلم والطالب تصب في مصلحة الأخير أم لا؟.

حول ذلك، تتحدث الاختصاصية التربوية الدكتورة أمل بورشك، وتقول: "نشهد هجوما شرسا على طريقة التعليم التقليدية، في حين هناك من يرفع من شأن التنويع في استراتيجيات وطرق التدريس المستخدمة والتي تتطلع من خلالها إلى مستويات عليا في التحليل والفهم والمناقشة للتعامل مع المعرفة، ولا يخلو ذلك من شيء من المبالغة والمزايدة، فمن غير الممكن بناء شخصية الطالب بقدرات فكرية عالية دون امتلاكه لقدر جيد من المعلومات والقواعد والمفهومات الراسخة والمتفق عليها بالحفظ والتلقين".



وتضيف بورشك: "ويأتي هنا دور المعلم الجيد وعلاقته المميزة بالطلبة ومحاولته تفتيح أذهان طلبته على ملاحظة الأشياء وإثارة قدرتهم على النقاش، فلا يمكن أن يحدث التعلم المرافق للخوف بأي حال من الأحوال في زمن يتسم بالتسارع المعرفي والتقني".

ومن هنا، تقول بورشك: "لا يمكن إزالة الحواجز الشعورية الموجودة بين المعلم والطالب؛ لأن التقييم سيصدر أحكاما في نهاية كل موقف تعليمي، ولكن لا بد أن يتحلى المعلم بشخصية معرفية متزنة ويمتلك مهارات متنوعة في التدريس ويكون ملما بأنماط الطلبة المتواجدين أمامه ليحدث التعلم والتعليم الذي يبني قادة الغد وبناة المستقبل".

كما لا يمكن وفق بورشك تجاهل أن الإنترنت أزال الحواجز والجدران وبات ممتدا في كل مكان وبتسارع لا محدود، وهذا بدوره منح الراغبين في التعلم والبحث والتميز مزيدا من الفرص والمساحات المنوعة، كما أن كثيرا من الدراسات أظهرت أن إيجابية العلاقة بين المعلم والطالب تعود بآثار إيجابية جدا على أمزجة الطلبة وعلى قابليتهم للتعلم وحبهم للدراسة والمدرسة؛ فهم يأتون من أجل المعلم والتعلم، ويشعر الطلبة بزوال الفوارق الاجتماعية ويغرقون بمشاعر من الزمالة والمساواة ويخفف من خوف الطلاب، ويخفف من التوتر والضغوط في الحياة التعليمية ويتيح الفرصة لتحقيق ذات الطالب وتشعره باحترام معلمه لرغباته وتقديره له.



وتتساءل الاختصاصية بورشك، كيف يمكن أن يتم تعليم الطلبة بالخوف؟، مضيفة أنه في كل لحظة هنالك جديد وأصبح الطلبة والمعلمون على تواصل مستمر بالمراسلة عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات التواصل الاجتماعي، والتي تبنى على معرفة أرقام هواتف الجميع في قاعدة البيانات المدرسية، وفي زمن التعلم عن بعد، فتم تخطي كل الحواجز الشعورية والنفسية بين المعلم والطالب وتم تجربتها على أرض الواقع وتأقلم الطرفان لصالح التعلم.

وحتى تنجح عملية التعلم والتعليم، تؤكد بورشك أنه لا بد أن نتوقف عن المقارنة بين الحاضر والماضي، فكل له إيجابياته وسلبياته، وعلى المعلم أن يتصف بالحكمة والعدالة والشفافية ولا ينسى بأنه صاحب رسالة تحقق للطالب كرامته كإنسان وتحافظ على وضعية المعلم ومكانته الرفيعة، لذا لابد من توفر محددات للعلاقة ضمن أهداف عملية التعليم وعدم الخروج عن إطارها، والاحترام المتبادل بين الطرفين وتأدية المعلم لرسالته بترفع ونزاهة وبما يحقق النفعية للطالب ضمن محيط أخلاقي حميد وعام وبعيد عن القضايا الشخصية ومركزها سمو عملية التعليم والتعلم، بالإضافة إلى أن جو الاحترام العام لا يصنعه الطالب لوحده فهي مسؤولية تشاركية بين كافة أبناء المجتمع من معلمين وموظفين وأهالي أيضا.

وتشدد بورشك على أن الاتزان في العلاقة يحمي الطرفين من الوقوع في الآثار السلبية لعدم تحقيق التوازن، ولابد من التذكير أن هناك دائما فجوة شعورية ونفسية بين الطالب والمعلم تؤثر على عملية التعلم بشكل عام وعلى الطالب ومستقبله؛ ما قد تؤثر على تحصيله العلمي.



وتضيف بورشك أنه يجب أيضا زرع السمو والطمأنينة في نفوس الطلاب؛ فالطلاب يحبون مايسمعونه من معلمهم بكثير من الثناء والتقدير، كما أن لحديث المعلم مع طلابه في غير أمور الدراسة نكهة مميزة حيث يشعر الطالب برعاية استاذه له واهتمامه بشأنه الخاص وخاصة إذا كان مرافقا للتدريب على التفكير والمحاكمة العقلية وهناك العديد من التجارب التي تؤكد ذلك.

وتختتم بورشك حديثها بالقول: "الرجاحة العقلية ونفس صبورة، فالمعلم قبل أن يكون معلما هو إنسان وفرد من المجتمع، ومن الطبيعي التواصل مع طلبته ومشاركتهم اجتماعيا خارج إطار المدرسة، ولكن بأن لا يؤثر ذلك على مصداقية تقييمه للطالب أو باقي طلبته، وتتأرجح قوة العلاقة بينهما حسب قوة الدرجات، بتفكير منطقي بعيدا عن العاطفة".

 

 

google-banner
foochia-logo