تستهوي الألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت أو ما تسمى بـ Online games، الكثير من الصغار، إذ يتشارك بها الطفل اللاعب مع آخرين من مختلف أنحاء العالم.
ويستخدمُ غالبية الأطفال أسماءً مستعارةً، ولا يدرك الطفل اللاعب مع من يلعب، يتساوى كل اللاعبين بالنسبة له على أنهم مجرّد منافسين، وتُقدّم أغلب هذه الألعاب خدمة المحادثة "التشات"، إما عبر الكلمات فقط، أو الكلمات والصوت، أو كليهما مع الفيديو، فتفتح لهم قنوات للتواصل والتعارف الشخصي.
فهل فكّرتي عزيزتي الأم.. كيف تحمين طفلك من التحرش الجنسي عبر هذه الألعاب؟
في هذا السياق؛ قالت الخبيرة الاستشارية في مجال ثقافة استخدام الإنترنت للطفل والأسرة، هناء الرملي، بأن المتحرشين جنسيًا بالأطفال يستغلون هذه الخدمات ليَصِلوا إليهم، فيتشاركون معهم اللعب، ويُظهرون لهم مهاراتهم الفائقة.
وأضافت الاستشارية الرملي، لـ"فوشيا"، بأن المتحرّش يبدأ بطرح الأسئلة على الطفل اللاعب، كي يحصل منه على أكبر كم من المعلومات، الاسم، العمر، المدرسة، عنوان السكن، كي يعرف ما إذا كان لديه مشاكل شخصية في حياته، علاقته بوالديه وإخوته وأصدقائه، ووضعه الدراسي في مدرسته، ومدى حبه وتعلّقه بألعاب الإنترنت.
وتابعت الرملي بأن المتحرشين يبدأون بالتقرّب للطفل باستغلال كل هذه الثغرات، والحصول على معلوماته الشخصية، مستغلين براءة الأطفال وثقتهم باللاعبين وجهلهم بنوايا وأهداف أيٍّ منهم للإيقاع بهم واستغلالهم جنسيًا والتحكم بهم.
وأوضحت هناء الرملي بأن المتحرشين يدركون كل الإدراك بأن الآباء والأمهات يجهلون ما قد يدور في عوالم الألعاب الإلكترونية، كما يدركون بُعدهم عن أطفالهم ساعات طويلة قد تمتد حتى الليل، حيث يعتقد الأهل أنهم خلدوا للنوم.
والمتحرّشون، وفق الرملي، يدركون أن هؤلاء الصغار يعيشون حالة من العزلة الاجتماعية، كذلك افتقادهم لمهارات التواصل الاجتماعي بينهم وبين أفراد محيطهم.
وبحسب تقرير الـ "ديلي ميل" البريطانية، والذي يفيد بأن الأطفال يقضون فى المتوسط مدة 2.13 ساعة في اليوم، وهم يمارسون ألعاب الإنترنت، ويترك 92٪ من الآباء أطفالهم يلعبون على الأقل ساعة يوميًا، كما اعترف 8% منهم أنهم سمحوا لأطفالهم باللعب أكثر من خمس ساعات فى اليوم، رغم أنهم يشعرون بالقلق إزاء تعرضهم لمحتوى غير لائق أو أشخاص سيئين.
ووجدت الدراسة أن 62% من الأطفال يمارسون الألعاب ويتفاعلون مباشرة مع لاعبين غرباء، مما يزيد بشكل كبير من خطر استهدافهم بمحتوى غير مناسب أو مطالبتهم بمشاركة معلومات حساسة، أو تعرّضهم للتحرش الجنسي.
أساليب المتحرّشين جنسيًا بالأطفال عبر ألعاب الإنترنت وفق الخبيرة هناء الرملي:
تقديمُ النصائح والتوجيهات في اللعب، وبالتالي الحصول على ثقتهم.
تقديمُ خدمات ومزايا في الألعاب مدفوعة أو غير مدفوعة للتقرُّب منهم أكثر واعتبارهم أصدقاء مقرّبين لديهم الحلول السريعة.
تقديمُ المزيد من العروض الحقيقية والوهمية لكسب المزيد من التعلّق والارتباط النفسي بينهم وبين الأطفال.
استدراج الأطفال للحصول على المزيد من المعلومات الشخصية عنهم. وفيما إذا كان لديهم مشاكل اجتماعية ونفسية.
كذلك الحصول على صورهم الشخصية، ثم يبدأ التحوّل بالحديث ليصبح ذا مضمون جنسي حساس بالنسبة للأطفال خاصة من هم بسن المراهقة.
ينتقل التواصل من المحادثة عبر اللعبة نفسها ليصبح تواصلًا مباشرًا عبر الهاتف أو برامج الدردشة كالسكايب والواتساب والماسنجر، مما يتيح للمتحرّش الفرصة الأكبر للسيطرة على الطفل.
وبالتالي يبدأ بالمطالبة بصور وفيديوهات للطفل وإرسال صور وفيديوهات جنسية له، ليُحكم السيطرة عليه أكثر وأكثر.
ينقسم هؤلاء المتحرّشون إلى عدة أنواع بحسب ما تقول هناء الرملي:
تقول الخبيرة الرملي أن التحرش يأتي بسبب الهوس الجنسي بالأطفال، للحصول على مآربهم وما يُشبع غرائزهم.
التحرش لأطماع مادية سواءً للحصول على مواد جنسية للأطفال لبيعها للمواقع الإباحية أو للأفراد.
وكذلك هناك من يستقطب الأطفال ليقوموا باستغلالهم جنسيًا وإشراكهم في العمل مع شبكات الدعارة الخاصة بالأطفال، سواءً في الواقع أو عبر الإنترنت.
وهنالك من يستقطب الأطفال ويوقعهم بدوامة من الابتزاز الجنسي كخطوة أولى من خطوات عملية غسيل الأدمغة كي يقوموا بتجنيدهم ليكونوا أداة من أدواتهم لعمليات الإرهاب والتطرف والعنف.
تقدم هناء الرملي النصائح المقترحة للحماية والوقاية:
الإطلاعُ على الألعاب التي يفضلها الأطفال والتعرف عليها من خلال البحث عنها والتعرف على إعدادات الحماية والخصوصية فيها.
توجيهُ الطفل إلى ألعاب تُنمّي الذكاء والتركيز وتُضيف إلى معلوماته ومعارفه وخبراته.
فرضُ قواعد للألعاب الالكترونية للحدّ من كافة سلبياتها، وحماية الأطفال من أهم مخاطرها.
تحديدُ وقت للعب لا يتجاوز الساعة أو الساعتين في أوقات منفصلة خلال اليوم كحد أقصى ويعتمد على عمر الطفل.
توعيةُ الأطفال بعدم تصديق الغرباء وعدم الإدلاء بأيّ معلومات شخصية عنهم مهما حدث. وعدم إرسال صورهم الشخصية أو الإفصاح عن أي سرّ خاص بهم أو بحياة عائلاتهم.
تعزيزُ ثقة الأطفال بأنفسهم، وتحفيزهم على الدفاع عن أنفسهم تجاه أي غريب يُبيّت نوايا سيئة تجاههم.
توعيةُ الأطفال بعدم قبول أيّ نوع من الهدايا سواءً كانت نقاطًا في لعبة ما أو مزايا جديدة يُقدّمها الآخرون لهم، لأن هذا لا يحدث إلا إذا كان هناك نوايا سيئة بحقهم.
منع اللعب داخل غرف النوم بمنأى عن الأهل، ووقت ما قبل النوم.
وتختم الاستشارية الرملي حديثها بأهمية الحفاظُ والمواظبةُ على الجلسات العائلية التي تجمع أفراد العائلة للحديث عن تفاصيل الحياة ومستجداتها سواءً كانت في حياة الواقع أو الحياة الافتراضية هو الأمر الأكثر أهمية للحفاظ على الأطفال محصنين من كل هذه الأنواع من الجرائم والأذى والتي لا تُحمد عقباها.