تتطلّع كلّ أمّ إلى أنْ ترى طفلها على مقاعد الدّراسة، ويحقّق تحصيلاً مميّزا، ذلك أنّ التجارب الشخصيّة للجميع، تُجمع على أنّ التّفوّق الدّراسيّ، يمنح فرصًا أفضل لمستقبل الطّفل.
لكنْ بعد حين، تكتشف الأمّ أن حقيقة النّتائج المدرسيّة تشير إلى تأخّر دراسيّ، وأنّ هناك معضلة ما، تقف أمام نجاح طفلها الدّراسيّ، وقد تتشكّل لدى الأمّ أزمة نفسية عند اتّخاذ القرار، ومدى تقبّلها للموضوع.
ولكن هل ستتّخذ الأمّ قرارًا بإعادة طفلها لعامه الدّراسيّ؟
للإجابة عن هذا التّساؤل، تتحدّث الاختصاصية التربوية، الدكتورة أمل بورشك، وتقول "على الأم أن تعيد النظر في دراسة حالة طفلها للوقوف على أهم الأسباب التي نتج عنها تدني التحصيل الدراسي وتشخيصها وهل هي ذاتية بالطفل وقدراته وطبيعة نموه، أم هي تتعلق بظروف العائلة الاقتصادية والاجتماعية وإهمالها لتحصيل الطفل، أو سببها البيئة التعليمية بالمدرسة من زملاء أو معلمين أو طبيعة المنهج المقدم للطفل".
وقد تكون الأسباب وفق بورشك أسريّة من حيث تدنّي المستوى الثقافيّ، والاجتماعيّ للأسرة، مع عدم اهتمام الأسرة بالطّفل، ومتابعة واجباته الدّراسيّة، ومساعدته على أداء واجباته، وتركها تتراكم، بما لا يتوافق مع قدراته.
وقد تكون مدرسية، فلا تكون المدرّسة جاذبة للتّعلم، ولا تنوّع في الوسائل، والاستراتيجياّت، وطرق التّدريس، وتركّز على قطع المنهج، مع انفصال المنهج عن تلبية حاجات الطفل. إضافة إلى سوء معاملة المعلّمين، وعدم استثارة دافعيّة الطّفل، مع التّفرقة بين الطلبة، وقصور دور الإرشاد المدرسيّ، وضعف علاقة الأهل بالمدرسة.
أما فيما يتعلّق بالضوابط في اتّخاذ القرار، بإعادة الطّفل لعامه الدّراسيّ، فيجب أنْ يتمّ الأمر بقرار خطّيّ للمدرسة، من قبل ولي أمر الطّفل في الصّفوف الثّلاثة الأولى، وبإجماع من قرار الهيئة الإداريّة والتعليميّة، للمصادقة على نتائج التّحصيل الدراسيّ في المدرسة، وبما يتوافق مع موادّ تعليمات أسس النّجاح، والرّسوب المعمول بها في كلّ دولة.
كما يجب استشارة أصحاب الاختصاص، من مرشدين، أو أطبّاء، للوصول إلى تشخيص دقيق في مدى فائدة قرار الإعادة، لطبيعة نموّ الطّفل، وخصوصيّة قدراته.
ومن اللّافت للنّظر، أنّ كثيرا من الأطفال ينجحون في نتائج عامهم الدّراسيّ، وهم لا يتقنون فعليًا، المهارات القرائيّة، والحسابيّة، بسبب ولوجهم في عالم التكنولوجيا، لكنْ، لأنّ نسبة علامة النشاطات اللامنهجيّة، تساعد الطّفل على تحصيل قدر من العلامات لابأس به في المشاريع، التي يقدّمها. وهذا يدعو إلى التّساؤل عن أسباب تدنّي التحصيل لدى الطّفل، والتعليمات تشير إلى عدم وجود رسوب في الصّفوف الثّلاثة الأولى.
وهنا، توجد هناك آثار سلبيّة على مستوى الطّفل، والعائلة، منها: الشّعور بالحزن، والإحباط، وعدم معرفة آليّة وطريقة التّعامل مع إعادة الطّفل لعامه. وتجاوز هذه الحالة، التي تتطلّب صبرًا، وجهدًا، ومثابرة، وسعة صدر، مع وضع الخطّة العائلة السليمة، لتحقيق هدف تحسين نتائج الطّفل مستقبلاً.
فالطّفل قد يكره المدرسة، ولا يمكن للأسرة أنْ تتجاهل دورها في التّعامل مع آثاره النفسيّة والعمليّة لتخطّيه؛ لأنّ مستقبل الطّفل، هو أهمّ شيء في هذه الحالة، ولا بدّ من مواجهته بكلّ عقلانية، وروح مُقبلة على التغيير للأفضل.
وقد تغلّف بعض الأمّهات، قرار إعادة العام، بأنّه عقاب للطّفل، وهذا لا يجوز؛ لأنّه نتائج لتراكمات تحصيليّة، وبتقاطعات بين مراحل النموّ ودور الأسرة المتراكم، ونتائج التّحصيل المدرسيّ، كما قد يحدث انقسام فكريّ لدى العائلة، وتوجيه اللّوم للأمّ، فهي الحلقة الأضعف في حالة اتّخاذ قرار الإعادة، بين مؤيّد ومعارض، وعدم الاكتراث، والتركيز على نقد التعليمات، ودور المدرسة، وإهمال أهميّة تقبّل اتّخاذ القرار.
والجدير بالذكر، أنّ التأثّر النّفسيّ، من قرار إعادة الطّفل لعامه يختلف من طفل لآخر، لكنّ الأطفال عادة يتأثّرون بانعكاسات القرار على نفسيّة ومشاعر أهلهم، ويتلقّون انعكاسات ردود الفعل النفسيّة لوالديهم، ولأفراد أسرهم، والتي يظهرونها أمامهم، وهم غير واعين لحجم مسؤوليتهم تجاه مشاعر الطّفل، وهذا يدخله في حالة من الحزن العام، والإحباط، والقلق، وصعوبات في النّطق، وعدم تركيزه في الفصل، وتذمّره المستمرّ، لعدم قدرته على إسعاد أهله، وأمّه تحديدًا.