كلُّ أُمٍّ تعدُّ طفلها للمستقبل لا بد أن تمكّنه من التعامل مع الآخرين بلباقة وأدب، فالارتقاء في التعامل سِمة العصر للراغبين في التميز، وهناك حدّ أدنى من الأتيكيت أو " فن التعامل" لابد أن يكتسبه الطفل في صغره حتى يصبح متقبلًا في تحقيق نجاحه المستقبلي.
عزيزتي الأم، هنا يتجلّى دورك في تزويد طفلك بمهارات سلوكية على مستوى العائلة والمجتمع.
وحول ذلك، تقول الاختصاصية التربوية الدكتورة أمل بورشك "إن ارتقاء التعامل وآداب التصرف مع الآخرين يدل على حكمة المتعامل".
وتضيفُ "إن التصرّف المهذّب اختياري وليس إلزاميًا، والتزين بالأخلاق الحسنة بات من مفاتيح المستقبل الضرورية، ليحقق اندماج الطفل بيسر وسهولة في المستقبل وهو سرّ نجاح العلاقات مع الآخرين ضمن قواعد عامة يتفق عليها الجميع. وتذكّري أن "فنون الإتيكيت" تُعزّز ثقة الطفل بنفسه، لذا زودي نفسك بها والتزمي بها في بيتك فأنت قدوة طفلك، ونجمته المتألقة، وهو يُقلدك في كل شيء، تذكّري أنك مرآة طفلك، فكوني نقية وصافية وابتسمي في وجهه، فالابتسامة أول خطوة إلى مستقبل مشرق".
ووفق بورشك "يساعد الإيتيكت طفلك على حسن التصرف في المواقف المحرجة، وهي بطاقة الدخول للمجتمعات الراقية أو الظهور لتميزه الأخلاقي فالجميع يحب الطفل الخلوق، لذا ثقّفي نفسك في هذه الفنون فهي منشورة وبكثرة على شبكة الإنترنت أو اطلعي على الكتب، فآداب المائدة كثيرة، ولا بد من انتقاء ما يتناسب مع عائلتك، والاتفاق عليه مسبقًا وممارسته في المنزل حتى لا يشعر الطفل بتناقض في التصرفات داخل العائلة".
وتقول الاختصاصية بورشك "درّبي طفلك على المهارات المطلوبة في المواقف المنزلية مثل عدم التنصت ووجوب طرق الباب والاستئذان قبل طلب أي شيء، والشكر ووجّهيه أثناء اللعب واختلقي مواقف تعزز السلوكات الحياتية مثل: تقديم نفسه أثناء التحدث بالهاتف، وشكر من قدّم هدية أو إرسال رسالة في عصر الإلكترونيات".
كما عليك استخدام لغة مهذبة بحضور الكبار وحدّدي له معاني الكلمات غير المرغوب في استخدامها حتى لا يعيدها مستقبلاً، ولا تنادي على طفلك بألقاب مزعجة توتره لاستهزائك به، لذا فهو سوف يستخدمها بأول فرصة ليفرغ ما آذاه نفسيًا لإيذاء مشاعر الآخرين.
وعلّمي طفلك كذلك مبادلة المشاعر مع الآخرين بالردّ على أسئلتهم للاطمئنان عليهم أو شكرهم كأن يشكر والدة صديقه وعدم انتقاد الآخرين بإبداء أية ملاحظات سلبية عن تصرفات الآخرين فهذا غير لائق.
وعلى الأم تعليم الطفل استخدام كلمة إذا سمحت أو عذرًا إذا أحب لفت النظر وعدم مقاطعة الآخرين أثناء الكلام وحسن الإصغاء، وعدم التحدث والطعام في فمه، ووضع اليد على الفم والأنف عند العطس فهذه من الآداب العامة، ولا يختلف عليها أحد ولابد أن يعيها منذ نعومة أظفاره.
وتشيرُ بورشك إلى أنه عليك الجلوس مع طفلك ومحاورته بأن حسن التصرف جزء من النجاح في الحياة وعليه أن يُحسن التصرف مع الآخرين، وأن يتعلّم بعض السلوكات المهذبة من أقاربه أو أصدقائه، ووظّفي اللعب الجماعي في غرس فنون الأتيكيت فعليًا، فهذا يمنحه فرصة التعلم بالخيال والتمثيل بما يتوافق ومرحلته النمائية فهو يغرس مبادئ الحب والاحترام والتعاون وعدم الأنانية.
وبالإضافة إلى ما سبق، انتهزي فرصة مشاهدة الأفلام أو الرسوم المتحركة أو الفيديوهات التي تُنمّي لديه الذوق العام والخاص وهي متوفرة بكثرة، وألقي الضوء على الشخصيات المقرّبة له كقدوة يُقلدها الطفل فوجود قدوة للطفل يُعينه على التقبل السريع للذوق.
وأخيرًا، تُؤكّد الاختصاصية بورشك أن أهمية احترام الكبار في السن مهم في حياة الطفل، فاسمحي له بتقديم المساعدة لهم وهي فرصة تكسبه مهارات جديدة وتحفز التعلم لديه من منطلق إنساني يُشعره بالسرور، وأن يناديهم بألقاب مُتفقٍ عليها مثل يا عمي أو جدي.