أظهرت دراسة علمية حديثة نشرتها صحيفة "آرتسي" أن الفنانين أكثر عرضة من غيرهم للأمراض النفسية، مؤكدة أن الاستعانة بطبيب نفسي عند الشعور بالاضطراب أمر عادي ولا يسبب الخجل.
واعتمدت هذه الدراسة على تشخيصات علمية للفن والإبداع عموماً بأنه نشاط عقلي ونفسي فيه شطط وخروج عن النسق العام.
وإذا كان الفنانون في الغرب معتادين منذ وقت غير قصير على مراجعة دورية للأطباء النفسيين، ولا يرون في ذلك حرجاً، إلا أن هذا الشيء ما زال غير مألوف في العالم العربي، ويثير لدى البعض انطباعات أو أحكاما سلبية.
ولذلك كان ملفتاً اتساع الحديث في الآونة الأخيرة في المواقع الإخبارية والسوشال ميديا حول ارتياد بعض الفنانين عيادات العلاج النفسي، جراء الاضطرابات التي يعانون منها.
وكان من هؤلاء أحد الفنانين المصريين الذي اضطر إلى اللجوء لأحد كبار المتخصصين بالعلاج النفسي في إنجلترا ليجد له "الحلّ الأسرع لنوبة الهلع التي أصابته" حسب ما نُشر.
وفي هذا الموضوع المتصل بعلاقة الفنانين السرية والعلنية مع العلاج النفسي رغم توفر أسباب السعادة والمال والشهرة والمتعة، كان لـ"فوشيا" وقفة تحليلية مع جهة ذات اختصاص.
أين المشكلة؟
بدأت أخصائية الصحة النفسية شذى هاشم حديثها بالتوضيح كيف يتابع الجمهور أعمالاً فنية مختلفة كالمسلسلات والمسرحيات والأفلام، وهي تلاقي التفاعل بالمشاعر مع الشخصية، وأحياناً الاستعطاف أو الكره، تماماً كما يتفاعل الفنان مع أدواره التمثيلية، ومن هنا يأتي اهتمام علم النفس بدراسة مدى تأثير الأدوار التمثيلية على شخصية الفنان وحياته بشكل عام.
وتابعت، الفنان هو إنسان قابل للتعرُّض إلى الانتكاسات والهموم بسبب قيود الشهرة التي تمنعه من ممارسة حياته بشكل طبيعي إلى جانب مشاكله الشخصية، والخوف من الفشل أو المرض أو التقدم في العمر، ومع تسارع وتيرة الحياة وتصاعد الضغوطات يرتفع التوتر داخله، ويبدأ يعيش حالة من عدم الارتياح وهبوط لحظات الراحة والهدوء والسلام الداخلي، رغم توهُّم الناس بأنه سعيد ومحصّن ضد التوتر النفسي والإحباط الداخلي والاكتئاب والأمراض الأخرى.
ضريبة أضواء الشُّهرة
ورغم أن الشُّهرة تُشبع الحاجات النفسية للفنان تماماً كحاجته إلى الحب والاهتمام والتشجيع، بحسب هاشم، لكنها تُحجّم من ممارسة حياته بصورة طبيعية، جراء مراقبة معجبيه لتحركاته وتفاصيله الصغيرة والكبيرة.
هذا إضافة لشعوره بالوحدة في بعض الأحيان، خصوصاً إن لم تكن لديه عائلة وأولاد، بالإضافة إلى تأثير الإشاعات القاسية بحقّه طوال الوقت، بشكل يبدو صعباً للغاية.
وقالت: "لا أحد ينسى، كيف أقدم فنانون وفنانات، عرباً وأجانب على الانتحار رغم شهرتهم الواسعة، ولكن واقعهم كان في الحقيقة مأساوياً".
لعب الأدوار وتأثيرها في نفسيّته
من التحديات التي تواجه الفنان، من جهة نظر هاشم، تقمّصه للعب دور شخصية معينة في العمل الدرامي وإظهار قدراته ومهاراته التمثيلية، التي ربما يواجه صعوبة في الخروج منها العودة إلى شخصيته الحقيقية، وتنعكس على نفسيته وسرعة انفعاله، وزيادة معاناته النفسية.
وأبدت استغرابها من الانطباع الخاطئ المتكوّن حول مراجعة الفنان لأخصائي نفسي يفيده في تقديم الدعم النفسي والمعنوي للتخلص من الشخصية التي سيطرت عليه، وخلق أسلوب حياة مريح له، وتساءلت: هل هذا الأمر ينتقص من قيمته؟.