"الدنيا زي المرجيحة".. "أه يا دنيا".. "لأ لأ".."إنت أي كلام".."اه لو لعبت يا زهر".. لابد وأنكِ أدخلتِ لحن هذه الأغاني الشهيرة (دندنتي بها)، وأنت تقرئين كلماتها الأولى، وربما أكملتِها حتى النهاية.
والسبب في ذلك، يرجع إلى كلماتها البسيطة، ولحنها الصاخب، الذي ساهم في انتشار تلك الأغاني (الشعبية) بشكل واسع حتى اقتحمت قلوبنا دون استئذان.
وبات من الطبيعي رؤية شاب يمتدح صديقه بالقول "بحبك يا صاحبي"، وآخر يعاتب شقيقه بالقول "يا ابن دمي"، بينما تتلوع الشابة من قصة حب فاشلة بقولها "أنا مش عارفني.. أنا تهت مني.."، في حين يمازح الجد حفيده بكلمات أغنية "إلعب يلا".
في السابق، كانت الأغنية الشعبية تحظى بإعجاب فئات معينة من المجتمع، أما اليوم، فنافست وحجزت مكانها في الساحة الفنية، وأصبحت "الشعبية" هي الأفضل لدى العديد من المستمعين.
يتأثر ويتفاعل الشباب مع كلمات الأغنية الشعبية، ويدندون كلماتها وألحانها في تجمعاتهم، ويسارعون لتحميل الأغاني المفضلة لديهم على هواتفهم الذكية، للتمكن من سماعها بين الحين والآخر.
كما تقوم الفتيات بتجهيز CD خاص بأجمل الأغاني الشعبية، ويحتفظن به في سياراتهن، حتى يقدنها على أنغام الأغنيات الشعبية المفضلة لديهن.
وتندرج مجموعة من الأغاني الشعبية ضمن قائمة الأغاني المعدة للمناسبات في قاعات الزفاف، وباختلاف الطبقات والمستوى الاجتماعي للعائلة.
ونتساءل جميعا، ماذا يميز الأغنية الشعبية؟ ولماذا تستهوي قلوبنا؟
الخبيرة التربوية أسماء طوقان توضح لنا أسباب انتشار هذه الأغاني، وجذبها لكافة الفئات العمرية:
في فترة المراهقة: يتصف المراهق بالاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي، ولكنه لا يتصف بمرحلة النضج نفسه (الاكتمال)، فيكون في هذه المرحلة ما بين وبين أي أنه يرى نفسه أصبح شابا كبيرا، وهو بالحقيقة ما زال طفلا.
وليثبت نفسه للأخرين يبدأ بتقليد من هم أكبر منه، مثل المشاهير، أو تقليد المغنين، فيضع له نموذجا ويسعى في تقليده سواء في الغناء أو السلوكيات التي تظهره على شاشة التلفاز أو الأجهزة الذكية.
وينجذب المراهقون "الشباب" للأغاني الشعبية التي تدل على الرجولة، بحيث يرونها تعبر عنهم وعن قوتهم وحبهم للسيطرة في هذه المرحلة.
والإنسان بطبيعته يميل إلى البساطة، وأحيانا الخروج عن المألوف، والعديد من الأغاني الشعبية تتمتع بالميزتين، فيرى العديد من المستعمين الشباب بأن "الشعبية" تعبر عن أحوالهم أو أحد المواقف التي مرت في حياتهم، وغيرها ، لذا تصبح المفضلة لديهم، كونها تلامس وجدانهم.
وأيضا، قد ينجذب بعض الأهالي إلى سماع "الأغاني الشعبية" لارتباطها عادة بحالة التوتر النفسي والوضع السياسي والاقتصادي للبلاد، فحينما تشتد هذه الأوضاع تنتشر الأغاني الساخرة والجريئة والأغاني الشعبية.
والسبب في ذلك، بأن الناس عندما تمل هموم الحياة ومشاكلها السياسية أو الركود الاقتصادي، فإنها تحاول نسيان وجعها ومشاكلها بسماعها لهذا النوع من الأغاني، وهو نوع من أنواع التفريغ النفسي عن المكبوتات لما تحتويه هذه الأغاني من كلمات تعبر عن الواقع الذي نعيشه ولا نستطيع نحن التعبير عنه.
وأيضا كثرة انتشار هذه الأغاني في الأسواق والمحلات التجارية ووسائل النقل، ومواقع التواصل الاجتماعي تسهم إسهاما كبيرا في ترسيخها بعقول أبناء المجتمعات.