في ظل التطور والتقدم التكنولوجي واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كثيف، زالت الفجوة بين الجمهور والمشاهير، وتفاقمت ظاهرة الهوس بالمشاهير نظراً لسهولة قراءة حياة النجوم ومتابعتهم.
الهوس بالمشاهير صُنّف كمرض نفسي واضطراب سلوكي يحتاج لتدخّل علاجي ويتطلّب العمل للحد من تفاقم هذه الظاهرة ومعالجتها، تجنبا للعواقب الجسيمة التي قد تلحق الضرر بصاحبها.
وما نراه أحيانا من صور ومظاهر خارجية للأشخاص هي تعبير عن حياة مزيّفة لسد النقص في حياة وسلوك بعض الأشخاص الذين يقومون بمتابعة المشاهير وتقليدهم في أدق تفاصيل حياتهم، وذلك لضعف شخصية المهووس، وافتقاره للثقة بالذات. فيقع ضحية في مرض واضطراب يطلق عليه "هوس المشاهير."
وقد أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة للولوج إلى خصوصيات المشاهير عن طريق المنشورات والصور ومشاركتهم في تلك الخصوصيات التي تطال كل شيء ابتداء من أكلاتهم وانتهاء بالماركات. فأصبح المهووس على دراية كاملة عن حياة المشاهير بحيث بات من السهل تتبّعهم وملاحقتهم.
ظاهرة هوس المشاهير قديمة، لكنها زادت انتشارا بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أعراض هذه الظاهرة، تتبّع حياة المشاهير بكل وقت وأي مكان وبشكل مستمر، بالإضافة إلى التقليد الأعمى مهما كانت التكاليف، خاصة الفتيات المراهقات اللائي يتسابقن في تقليد تسريحات الشعر، وآخر صيحات الموضة، والماركات العالمية.
ومن الأعراض المخيفة التي تظهر على الشخص المصاب بهذا الاضطراب، هي توقف حياة المهووس بغرض متابعة المشاهير والاندماج في تفاصيله حياتهم واقتباس صفاتهم وتصرفاتهم، كطريقة المشي والكلام واللبس بالإضافة إلى نمط الحياة.
ومن العوامل التي تساعد على تفاقم هذا المرض، البيئة السلبية التي يعيش فيها المهووس متأثرا بالوالدين ومتابعتهما لأخبار المشاهير ونمط حياتهم، حتى باتت أخبارهم ومنشوراتهم حديثا على طاولة العائلة! بالإضافة إلى شعور المهووس بالنقص، بأن حياة المشهور أفضل منه، ويمتلك كل الأشياء والرغبات التي يتمناها، فيتقمّص حياة وهمية يحاكي فيها حياة المشاهير.
ويساهم الإعلام بمختلف أنواعه ومجالاته، سواء الورقي أو الرقمي، في برمجة أدمغة المهووسين بالمشاهير، وذلك عن طريق سرد روايات المشاهير وأخبارهم بشكل متكرر وعلى وسائل مختلفة وبالتالي يخلق في نفس الشخص رغبة في المتابعة وإرضاء للفضول.
وهنا تأتي مسؤولية الأهل في معالجة أبنائهم قبل فوات الأوان، وخلق بيئة نفسية مستقرة ومسالمة تغني المريض عن اللجوء لتلك المواقع والأشياء السطحية، بالإضافة إلى زيادة وعيهم وإدراكهم بمدى تفاهة تلك التصرفات، وعن طريق إشراكهم بالأنشطة المفيدة الأخرى.