أثار الحديث عن قرب صدور تغييرات جديدة في القوانين السعودية لصالح التوسع في إعطاء المرأة السعودية المزيد من حقوقها الإنسانية، مثل حق السفر دون موافقة ولي الأمر، ردود فعل متفاوتة معظمها يرحّب بشدة، وإن كان بعضها يتحفظ أو يتوجس.
ففي أعقاب السماح للمرأة السعودية بدخول الملاعب الرياضية، ثم قيادة السيارة، شهد مجلس الشورى السعودي مطالبات بالمزيد من هذه الحقوق التي تُسهم في تعزيز "رؤية السعودية 2030"، وهي مطالب يتكهن الشارع السعودي بقرب إقرارها قانونياً.
ويعزو أخصائيون اجتماعيون السبب وراء رفض أو تخوُّف بعض الرجال من نجاحات المرأة في تحصيل المزيد من الحقوق، لما يتداوله الناس من أقاويل حول بيئة العمل وما يحدث فيها، بصورة تكاد تكون مُجحفة بحقها، بينما يعيق آخرون تقدُّمها خشية تمرّدها عليهم وتهميش آرائهم وعدم إطاعتهم، رغم وجود سيدات مقتنعات بأن نجاحهنّ لن يكون إلا بدعم رجالهنّ.
هل هذا الخوف مُبرَّر؟
الكاتبة الصحفية في صحيفة "فعاليات" السعودية، منى الدوسري، أجابت "فوشيا" عن هذا السؤال، بأن إقصاء المرأة عن تحقيق نجاحها، قد يهدد شخصية الرجل المتعصب بأفكاره نحوها، لذلك، لم تقتصر رؤية 2030 على تنمية المرأة وتهميش الرجل، ولكن من خلال تلك الرؤية ستسمو مكانتها في كل المجالات بصورة أكبر وأوسع ولكن هذه المرة دون قيود تعيقها.
ووفق الدوسري، فإن إتاحة وظائف كالعسكرية والقانونية والطبية ووظائف أخرى، يمنح المرأة القدرة على مزاحمة الرجل ومنافسته، وهو الأمر الذي جعل الرجل، يتخوّف من هذا التغيير الذي طرأ بشكل شبه مفاجئ، وأصبح يتحدى الرجال الذين ما زالوا متمسكين بقناعات أن موقع المرأة منزلها فقط.
ورغم اختلاف الآراء وتباينها بين الرجال السعوديين، إلا أن تكليف المرأة بالعمل الذي تحبه وتقدر عليه، ليس ظلماً لها، كما يدّعي البعض، إنما هو صكّ ضمان فعلي لمستقبلها، بدلاً من أن تكون عالة على أحد، أو تكون بحاجة أحد، كما رأت الدوسري.
وقالت: "نحن الآن أمام مواجهة علنية بدافع تغيير قناعات الرجل وإزاحة التقاليد القديمة لتمكين المرأة في كافة مجالات المجتمع، وهذا ما سيشكل شخصيتها القوية، خصوصاً المستضعفات منهنّ"، حيث أشادت بالقوانين الرادعة التي أُصدرت لإنصاف المرأة، وتجريم الرجل حال مخالفته تلك القوانين.
خشية الرجل السعودي من استقلالية المرأة
وعادت منى الدوسري لتفنيد خشية الرجل السعودي من استقلالية المرأة بكافة أمورها لظنّه أن في هذا امتهانًا لرجولته وكرامته، فهي قناعات مبنية على أنها كائن ضعيف يحتاج للاتكاء على غيره.
وتصف الدوسري أن مثل هذه القناعات الخاطئة تعطل الفعاليات الاجتماعية والتنموية؛ إذ إن كل مجتمع بحاجة للمرأة والرجل على حد سواء ومتكامل، مضيفة أيضاً "أن الظروف لم تعد كالسابق من ناحية الأمور المعيشية؛ فبعد ارتفاع الأسعار أصبح الطرفان يحتاجان لمواجهة الأعباء المتزايدة على الأسرة، ولضمان حياة كريمة".
لن يبقى مجتمعاً ذكورياً
وأثنت الدوسري على العديد من السيدات السعوديات اللواتي استطعنَ تغيير عقلية وقناعات أزواجهنّ الذين كانوا يقفون عائقاً أمام أخواتهم أو بناتهم في مواصلة تعليمهنّ وعملهنّ، ثم عادوا بعد الزواج واكتشفوا أنهم كانوا يعيشون انغلاقاً كبيراً غير مبرر مع أسرهم.
وكرّرت الدوسري قناعتها بأن المجتمع السعودي ستُزاح عنه كلمة مجتمع ذكوري قريباً، وسيصبح لكليْهما معاً.