رغم مشارفتها على الانتهاء في المجتمعات الغربية المتقدمة بالأصل، إلا أن ثقافة العيب ما زالت من المظاهر التي تتغنى بها المجتمعات العربية، وواحدة من الأسباب التي ترتب عليها عدم قبول الفتيات للعمل في وظائف محترمة، ولكنها لا مقبولة ولا محببة اجتماعياً.
وتُقذف الفتاة أحياناً بوابل من الإساءات والرفض إن تحدت هذه الثقافة، وعملت بوظائف لا تليق إلا بالرجال، وتصبح كمن جلبَتْ العار للأسرة والمجتمع، جراء مخالفتها قناعاتهم التي تحول دون نهوضها وتقدّمها.
تغلَّبي على ثقافة العيب
من الطبيعي أن تواجه أي امرأة تتحدى ثقافة العيب،صعوبات الرفض من مجتمعها، و أن تجد العثرات في بداية مشوارها؛ لأنه وبمجرد عملها بالوظائف التي تتنافى مع عادات وتقاليد مجتمعها، يُنظر لها وكأنها امرأة "خارج الطبيعة"، بحسب أخصائية الإرشاد النفسي والتربوي الدكتورة سامية جبري.
وبيّنت جبري لـ "فوشيا" بوجوب تحمُّلها العواقب المترتبة على إصرارها العمل بما يتنافى مع ثقافة مجتمعها، ولكن، قبل كل شيء، لا بد من بناء ثقة متينة بينها وبين أسرتها، والتأكيد لهم بأن عملها وإن خالف قناعات المجتمع فلن يخلّ بثقتهم التي منحوها إياها هذا من جهة، وليكونوا حصناً منيعاً للدفاع عنها في وجه من يتكلم عنها بسوء من جهة أخرى.
أسلحة الدفاع عن نفسها
أوضحت جبري بضرورة عدم اكتراثها لما يُقال عنها، ولكن، في الوقت نفسه، عليها التسلّح بقوة الشخصية التي تعطيها حق الدفاع عن نفسها، خصوصاً إذا زادت تجاوزات المحيطين بها عن حدّها.
ولأنه من الطبيعي أن تجد الرفض من أسرتها المتشبّثة بعادات مجتمعها، عليها تقبُّل فكرة رفضهم لعملها الذي فيه تحدٍّ لثقافة العيب السائدة وبإيجابية، وستجد مرة تلو المرة، أنها وصلت معهم إلى حلول تضمن قبولهم وفهمهم لسلوكيات ابنتهم نحو ما يعتقدونه عيباً.
ثم عليها محاورتهم بالهدوء والإقناع، واستخدام ذكائها ومرونتها لتواجههم بأسلوب صحيّ ومقنع بعيداً عن أي أسلوب استفزازي لتصل إلى ما تصبو إليه.
والذي يهمّ بحسب جبري، أن ما تريد المرأة القيام به لا يتعارض مع أخلاقها وأخلاق مجتمعها، وإلا ستضعف أمام العواصف التي ستقف في طريقها، وبغير ذلك تستطيع الاستمرار به وهي مرتاحة البال والضمير.