كثيرًا ما نظن أن الوقوع في الحب أمرٌ عفوي ولا يمكن التحكّم به، لكن الحقيقة التي أظهرتها دراسات متخصصة أخيرًا، هي أن الوقوع في الحب يخضع إلى حدّ كبير لسيطرتنا.
فنحن نقع في الحب فقط عندما نكون مستعدّين لعلاقة عاطفية. واختيارنا لمن نقع في الحب معه ليس عشوائيًا. فنادرًا ما يقع المتعلمون جدًا في حب أشخاص ليسوا كذلك. ونادرًا ما يقع الأغنياء في حب الفقراء. كما أن الحب ينمو تدريجيًا. ولهذا من السهل أن ننهي علاقة حب في مراحلها الأولى، بينما إنهاء علاقة طويلة الأجل أمر أصعب بكثير.
ولكن هل يمكننا زرع بذور الحب؟ وهل يمكننا أن نجعل أحدهم يقع في الحب؟
تجارب مخبريّة
قبل أعوام، قام الباحث الاجتماعي آرثر آرون بتجربة مخبرية جعلت نساءً ورجالاً غرباء يقعون في الحب. في الجلسة الأولى جلس كل رجل وامرأة في مواجهة بعضهما البعض. ثم أجابوا عن عدد من الأسئلة التي كانت تزداد حميميةً.
بعد ذلك تركهم يلتقون ويتفاعلون بحرية لمدة ساعة، الأشخاص الخاضعون للتجربة ذكروا أنهم شعروا بمزيد من التقارب والحميمية، حتى أن رجلاً وامرأةً ممن أجريت عليهم التجربة تزوجا بعد ستة أشهر.
الالتزام والثقة بالنفس
لقد وصل الباحث إلى نتيجة مفادها أن السبب في تحفيز المشاعر بين المشاركين يمكن تلخيصه في كلمتين: الالتزام والثقة بالنفس. فعندما يتبادل شخصان معلوماتٍ حميمةً مع بعضهما البعض، يحدث أمران.
إرسال هذه المعلومات للطرف الآخر يعطيه قوة استخدامها ضدّه، خاصةً إذا كان لا يصرّح بها عادةً أمام الأغراب. وهو بهذه الطريقة يقول له إنني أثق أنك ملتزم بحفظ أسراري ولهذا أضعها بين يديك، مما يولّد مستوى أعلى من الثقة الضرورية لنجاح العلاقات منذ بدايتها المبكرة. فالعلاقات تفشل في التطور إلى علاقة جديّة بسبب عدم الثقة والالتزام. والدليل على ذلك أن الزواج الذي يحدث بعد أيام قليلة من اللقاء الأول ليس أقل استقرارًا من زواج الحب إذا وُجدت الثقة والالتزام.
القوة الأخرى التي تلعب دورًا هي احترام الذات
جزءٌ كبيرٌ من الوقوع في الحب مع الآخر يتضمّن أن نحب أنفسنا، فذلك يعيد تشكيل تقديرنا لذاتنا ويعزّز ثقتنا في مهاراتنا الاجتماعية، والتي تعد ضروريةً للحفاظ على علاقة عاطفية. وتبادل المعلومات الحميمة مع شخص آخر يعزّز تقدير الذات. فوجود شخص يرغب في مشاركة أسراره الحميمية معنا يجعلنا نشعر بالرضا عن أنفسنا ويجعلنا ننجذب إلى الشخص الذي أشعرنا بذلك.
التجربة السابقة تعطينا معلومةً هامةً جدًا لأولئك الذين بدأوا علاقة حب جديدة، كما تعطي حلاً لأولئك الذين هم في علاقة تعاني من المشاكل. الانفتاح على الطرف الآخر وكشف نقاط ضعفنا أمامه ليس سهلاً دائمًا، لكنها في النهاية تقوي العلاقة وتجعل مشاعر الشريكين أفضل، خصوصًا إذا كانت الصراحة متبادلةً في كلا الاتجاهين.