أول ما يحدد هوية الإنسان وكيانه الخاص عند ولادته هو اسمه، فالاسم أول ما يشكل لبنة شخصنا ويحدّد من نحن لحظة قدومنا إلى الحياة حتى آخر يوم لنا على هذا الكوكب.
ويؤثر الاسم على أنا الإنسان الداخلية، إذ أنه يرافقه ويكبر معه، وبه يشار إليه وبه ينادى ويكلف. لكن يحدث أحياناً كثيرة أن يقع الإنسان ضحية اختيار والديه لاسمه، فإذا به بدلاً من أن يعتز به ويحس به بالفخر أو الطمأنينة يصير عليه حملاً ثقيلاً وعبئاً، وفي بلادنا العربية الإسلامية نعاني من هذه الظاهرة خاصّة أنّ الهوية العربية مشتتة بين كيانها العربي وكيانها الإسلامي، لذا يتخبط العديد من الناس في ماهية الاسم الذي سيمنحونه لمولودهم القادم للتو إلى الحياة.
الأسماء الغريبة.. منافسة وموضة
في السنوات الأخيرة بدأ العديد من الأزواج في محاولة ابتكار أسماء فريدة لأبنائهم، خاصة الأم التي تسعى لمنافسة صديقاتها أو أقاربها باسم مختلف لمولودها، ويقضي الزوجان وقتاً طويلاً لإعداد قائمة بالأسماء المذكرة والمؤنثة المتميزة لمولودهم القادم. ومع اندماج العالم في فضاء الانترنت صار عالم الأسماء واسعاً، كما أنّ إرث المنطقة العربية المتجذر بمختلف الحضارات يطفو على السطح بين الفينة والأخرى في محاولة لإعادة تشكيل أسمائنا.
وكما تتبع المرأة خاصة موضة الأزياء والاكسسوارات تتبع موضة الاسم المميز والمختلف لطفلها أو طفلتها.
ومن هذه الأسماء: نورسين، سيلين، إلين، مايا، أوار، راوند، هجرس، ميار، وغيرها الكثير.
التأثير البدوي على اللسان العربي
الاسم العربي اسم لا تختلف عليه المنطقة العربية كلها، إذ أنه متجذر في أصل اللغة العربية إضافة إلى تطعيمه بروح الحضارة الإسلاميةً. لكن ارتدادات كثيرة لدى العرب شدّتهم إلى جذورهم البدوية فلا تزال الأسماء المتوارثة تحمل روح الصحراء، وتبدو أبعد قليلاً عن الإرث العربي ولكنها بالطبع جزءاً منه.
وبالرغم من أنّ عرباً كثر لا يزالون يتمسكون بالبداوة، لكن الأسماء البدوية التي يمنحونها لمواليدهم تصيب العديد منهم بالإحباط مع الوقت، خاصة في عصر صار العالم فيه أسرة صغيرة، روحه تقنية علمية معاصرة، تسبب صراعاً لدى الشخص بين اسمه العائد لغابر التاريخ وبين عصره.
ومن الأسماء البدوية: مزنة، ظانع، هزيم، ركاض، عذبة، عتيجة، صبيحة، وغيرها.
التأثير الديني والتقاليد
يعد حديث "خير الأسماء ما حمّد وعبّد" أحد أكثر الأحاديث التي أثرت على منحى الأسماء العربية، رغم أنّ الحديث شبهة ولا يوجد له أصل ثقة في أصول الأحاديث النبوية، ومع ذلك كان له الأثر الأكبر في تحويل معظم الأسماء العربية إلى الأسماء المشتقة من الحمد والعبادة.
إضافة إلى الميراث الإسلامي في التاريخ والتنازع الديني الذي صبغ طوائف بأسماء معينة، ما جعل أشخاص كثر خاصة في مناطق الاضطرابات الطائفية يركضون ليلاً نهاراً في محاولة لتغيير أسمائهم خشية من القتل لأنّ الاسم يعبر عن طائفة ما.
وبالطبع حث الإسلام على التسمية الجيدة للطفل، وأنكر الأسماء القبيحة والجاهلية، وشجع على الاختيار الدقيق لاسم المولود بل جعله واجباً دينياً لاختيار اسم محمود له.
فيما تلعب التقاليد دوراً كبيراً في تسمية الاسم من الناحية الدينية خاصة، مثل أسماء آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام والأنبياء والصالحين والخلفاء المسلمين.
كما أنّ محاولة إثبات الكثير من الأبناء مدى حبهم لآبائهم يجعلهم يتجهون إلى إطلاق أسماء مواليدهم عليهم، فيعود اسم غاب منذ جيلين إلى جيل جديد، ليصير الطفل أحياناً كثيرة ضحية اسم جده أو جدته.