حتى وقتنا الحالي، تشتكي العديد من الفتيات تمييزاً ظالماً بينهنّ وبين إخوانهنّ الذكور، إما من جانب والدها أو والدتهما أو كليْهما معاً، حتى بعض الأمثلة الشعبية المتداولة عند العرب لم تخلُ من ردعها كأنثى، وإهانة وجودها في الأسرة الواحدة، معتقدين أنّ خطرها لا يزول إلا بزواجها أو موتها.
فما السبب وراء هذا التفريق؟
أفادت الأخصائية النفسية الإكلينيكية هبة عبيدات لـ "فوشيا" بأنّ الأم نفسها تكون قبل زواجها عانت أصلاً من التمييز بينها وبين إخوانها في بيتها، ووالدها كان متسلطاً على والدتها، أو يمارس العنف على والدتها أمامها.
وبهذه الحالة، أضافت عبيدات، ستُسقط هذه الأم بعد زواجها كل ما رأته من تمييز على بناتها، اعتقاداً منها أن هذا الأمر طبيعي، وأن النقص الذي عاشته، تعوّضه في أولادها الذكور، وإن لم تمنحهم هذه الحقوق فستفقد سلطتها، لهذا تسامح ابنها على أخطائه بينما تعاقب بناتها على أي خطأ.
سبب آخر، لهذا التمييز، أرجعته عبيدات إلى قلق الأم على ابنتها، والخوف على سُمعتها، وأنها خير مَن يمثّل "شرَف العائلة".
كيف يؤثر هذا التمييز على الفتاة؟
أكدت عبيدات أنّ هذا التمييز الذي تقوم به الأم تجاه ابنتها ينتج عنه خلْق مشاعر العداوة بين الإخوة نظراً لشعور الفتاة بالدونيّة، وهذا يُترجم لسلوك عدواني تجاه نفسها والآخرين، ولاحقاً ستُسقطه على أولادها عندما تتزوج.
وقالت لـ "فوشيا": عندما تظن الفتاة أنها عبء على أسرتها، ستتولد عندها ضغوطات نفسية وردود فعل عكسية، لكونها تحاول جاهدة إثبات قيمتها وأهميتها، عدا عن كُرهها للذكور كافة. أما مستقبلاً، فقد تصبح زوجة خانعة وعنيفة نتيجة الظلم والتمييز الذي عانت منه.
وما أثر هذا التمييز على الشاب؟
ورأت عبيدات أنّ الشاب الذي تفضله أمه على أخواته، يصبح قاسياً، لا يحترم مشاعرهنّ، لأنه تربى على ذلك، ومن ناحية أخرى، تحديداً عندما يتزوج، سيربي أولاده وبناته على نفس الطريقة التي نشأ عليها، وسيخلق جواً من العداوة داخل أسرته، التي ستفتقد لمشاعر الحياة جراء فقدان بناته لقيمتهنّ في بيتهنّ.