ما زالت البحوث العلمية تكشف لنا الجديد كل يوم عن خبايا جسم الإنسان، وتكوينه الجيني المليء بالأسرار المذهلة، وخاصة في مراحل تطور الجنين في بطن أمه. فقد كشفت البحوث أن أغرب وأجمل شيء يحدث أثناء الحمل، هو هذه القطعة الصغيرة التي يمنحها الجنين لأمه، لتعيش معها بقية سنوات عمرها.
وفقاً لهذه الدراسات، فانه رغم تكون الجنين في كيس المشيمة الذي يفصل تدفق دم الأم عن طفلها، إلا أن هناك كمية من الخلايا التي تتخذ طريقها عبر الحبل السري لتستقر في جسم الأم لسنوات عديدة وربما بقية العمر من خلال عملية مايكروشيمرزم microchimerism، لينتهي بها المطاف في دماغ الأم.
وأكد عالم الأمراض المفصلية جي لي نيلسون أن ما يحدث أثناء الحمل يتعدى نقل الصفات الجينية والوراثية من الأم إلى جنينها أو تزويده بالتغذية فقط، بل تصبح العملية عبارة عن تبادل للحمض النووي DNA بينهما، وهذا ما يفسر اختلاف طباع الأم بعد الولادة خلافا لما كانت عليه قبل ذلك.
عملية التبادل هذه تبين أن لها أيضا إيجابيات عديدة على صحة الأم فتأثير الحمض النووي للجنين يفيد في تحصين دماغ الأم من أي أمراض قد تهدده وتقويته ضد الصدمات العصبية، وتحويل بعض الخلايا السرطانية الخبيثة إلى أخرى حميدة أو القضاء عليها كلياً.
والأغرب من ذلك كله أن سريان الحمض النووي بين الأم وطفلها في مجرى الدم والنخاع، يجعل طباعهما متشابهين بحسب ما أكدته مجلة "بلاس وان" التي قامت بالدراسة على أكثر من 59 امرأة، وهذا ما يفسر التقارب الذي يشعر به الشخص تجاه أمه وارتباطه العاطفي الدائم بها.