الأزياء فن يدل في كثير من الأحيان على خصوصية المكان، فنشم من خلاله رائحة الريف والمدن ونتعرّف أيضا على البلدان البعيدة، فنقول "زي إماراتي" أو "زي مغربي"، أو "زي عالمي"، ولأن الأزياء فن وابتكار ومهنة ترتبط بالخطوط والألوان التي تعكس تراث المجتمع، لم يكن غريبا أن يصبح في دولة الإمارات معاهد متخصصة بالتصميم، ولم يكن غريبا أيضا أن تقام فيها أهم المعارض والمهرجانات المختصة بالأزياء، فمن خلال كل هذا استطاعت الإمارات أن تجعل المرأة جزءا هاما من مجال صناعة الأزياء، بعد أن كانت تلك المهنة حكرا على الرجل.
وبسبب تعدد الثقافات، وانفتاح المدن على السوق العالمي ازدهرت صناعة الأزياء وبتنا نسمع عن مصممات حققن حضورا محليا وعربيا وعالميا، وبدأن ينافسن أهم مصممي الأزياء الرجال.
والسؤال هنا: ماهي العوامل التي ساعدت على ازدهار مهنة تصميم الأزياء في الإمارات بين الرجال والنساء؟ وإلى اي درجة استطاعت المرأة أن تحقق ذاتها في هذا المجال، وما دور التنوع الثقافي وتعدد الجنسيات في إثراء قطاع التصميم؟
حول أزدهار سوق الموضة كان لفوشيا الاستطلاع التالي:
سوق مذهل
تتميز الإمارات بموروثها الثقافي وانفتاحها على مختلف الجنسيات، كما وتضمّ تنوعاً فريداً من المصممين أصحاب الخلفيات الثقافية والتقاليد المختلفة الذين اختاروا دبي وجهة لإطلاق علاماتهم التجارية، والذي بدوره يشكل حافزا رئيسا في إثراء قطاع التصميم، هذا ماقاله المصمم العالمي جوليان ماكدونالد لفوشيا أثناء تواجده في أبوظبي، إذ رأى أن سوق الموضة في الشرق الأوسط، وخصوصا في الإمارات مذهل، لأن الموضة من اهتمامات الرجل والمرآة على حد سواء، مؤكدا: "هذا ما شجعني لتقديم عروض في دبي وأبوظبي والتخطيط للتواجد بشكل دائم هنا".
ويجد ماكدونالد أن خصوصية الناس في هذه المنطقة تكمن في الاهتمام بأناقتهم ومظهرهم، من هنا فإن من الطبيعي جدا أن تزدهر سوق الموضة وتصفيف الشعر والتبرج، وأشار إلى أن ما رآه: "أثبت لي النظرة الحقيقية لهذا المجتمع الذي يهتم اكثر من غيره بصيحات الموضة وشراء أحدث الصيحات".
ووصف ماكدونالد المرأة الخليجية قائلا: "أهم ما يميز المرأة هو الغموض، فلا أحد يعرف ما ترتديه تحت العباءة الطويلة، قد يكون هوت كوتور وقد تكون أبرز الماركات، ولكن جميع المؤشرات تدل على أنها تهتم بالموضة والمكياج والعطور والأحذية"، وأضاف: "أعتقد أن الغموض هو أكثر ما يميز هذه المنطقة من العالم، وهو ما يحذب الناس إليها منذ قرون طويلة.
وأشار ماكدونالد إلى ازدهار سوق وفن الأزياء خاصة في السنوات الأخيرة، بات يشكّل دعما اقتصاديا وجماليا للمجتمع الإماراتي، إلى جانب حضور المرأة إلى جانب الرجل في مجال التصميم والعمل، هذا ما شكّل تنافسا حقيقيا بين المراة والرجل ما دفع للمزيد من الخلق والابتكار.
الغالبية نساء
وترى مصممة الأزياء الإماراتية منى المنصوري أن مهنة تصميم الأزياء لطالما ارتبطت بالرجال في أغلب دول العالم، ولكن في الإمارات النسبة الأكبر من مصممي الأزياء سواء العبايات أو الهوت كوتور هن من النساء، وتؤكد: "إن المهنة تشهد تنافسا حقيقيا بين النساء والرجال، مع أن الرجال كانو هم المسيطيرين عليها ولكن دعم وتمكين المرأة في الامارات أعطاها ثقة في نفسها وجعلها تخوض هذا المجال ما أدى لزيادة نسبة المصممات لتصبح نسبتهن أعلى من الرجال.
وقالت المنصوري إن السبب يعود للتسهيلات التي توفرها الإمارات فهي دولة سياحية واقتصادية بامتياز، كما لها مركز مهم في العالم ولذلك نشهد ازدهار هذه المهنة بسبب التسهيلات الممنوحة للجميع.
ولفتت المنصوري إلى أن:" مهنة التصميم لم تكن موجودة في السابق بل كانت موجودة بشكل فلكلوري بسيط ينسجم مع المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والولادات والأعياد، أما اليوم فقد ساهم الانفتاح التكنولوجي والثقافي والسوشال ميديا في ازدهار هذه المهنة وأدى إلى التطور السريع والانفتاح على العالم، كما أن المهرجانات وأسواق الموضة ساهمت بشكل كبير بتبادل الخبرات وتطوير الذائقة الجمالية.
وأضافت: "إن الكثير من البلدان الآسيوية والأوربية تعتمد على الأزياء لدعم اقتصادها، حيث يشهد عالم الموضة حاليا الدمج بين عوالم الفنون المختلفة من الفن والرسم والتطزيز والتصميم والموسيقى والإكسسوارات، وكل هذا زاد التنافس والابداع".
وأكدت أن دخول المرآة لهذا المجال وتنافسها مع الرجل قد شكّل رافدا ودعما أقتصاديا، "لأن الأزياء ثقافة وحضارة، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مدينة كاملة في دبي للتصميم "حي دبي للتصميم" التي تهتم بالتصميم من عروض الأزياء العالمية، وكليات الطلبة، والمعاهد وأسابيع الموضة، وهذا جذب جميع المصممين العالمين، لتصبح الإمارات لا سيما دبي وأبوظبي منصة حقيقية للموضة والفن".
واختتمت: "يكفي أن تكون الموضة مصدرا للجمال والفن وعالما لا متناهيا من الإبداع والتطور اللا محدود من الثقافة والحضارة فالتصميم لغة عالمية".
دعم بلا حدود
أما رجل الأعمال الإماراتي عمر بن خدية فرأى أن ازدهار سوق الموضة في الإمارات يرجع لعدة أسباب أولها توفر منصات ومؤسسات تدعم مواهب الشباب وتساعدهم على تطويرهم وتوعيتهم في مجال التجارة وكيفية تحويل موهبتهم إلى مصدر دخل واستثمار مما يحمس الشباب رجالا و نساء، لأخذ مهنة تصميم الأزياء على محمل الجد، وقد ساهم انتشار ثقافة البيزنس والـ start ups إلى زيادة عدد المصممين وعلامات الأزياء المحلية.
وأشار بن خدية إلى أن مهرجانات التسوق هي من أهم أسباب ازدهار السياحة في الإمارات، حيث أصبح هناك إقبال عالمي على الزي الشعبي في الإمارات ودول الخليج، مؤكدا: "شاهدنا موخرا مجموعة العبايات التي طرحتها علامة "دولتشي آند غابانا" الإيطالية! وهذا بالتأكيد يعتبر حافزا مهما للشباب الإماراتي للاستثمار في مواهبهم".