أثناء دراسة أجريت في اليابان، تم تقسيم مجموعة من الأشخاص إلى 3 مجموعات منفصلة كي يتعلموا أداء مهمة ما.
تضمنت المجموعة الأولى مدرباً قام بمدح عمل جميع المشاركين فيها، أما الثانية فشملت أفراداً يراقبون المشاركين الآخرين وهم يتلقّون المجاملات، فيما طلب من المجموعة الثالثة تقييم أنفسهم، وتبيّن في اليوم التالي أن المجموعة الأولى التي تلقّت المديح من المقيّم قدمت أفضل أداء لها.
لذلك، ينصح الباحثون المدراء وأصحاب العمل بضرورة تكرار عبارات الإطراء والمجاملة للموظفين كمكافأة لهم، كي يقوموا بتقديم أفضل أداء في عملهم.
فما هي أهمية المجاملات في حياتنا؟
رغم أن المجاملات بين الناس تعد تقليداً اجتماعياً، فإن البعض يراها ضرورة لابد منه مقارنة بآخرين يعدّونها شراً لابدّ منه، إلا أن الجميع يحتاجونها لما تتركه من أثر في النفس البشرية، على أن لا يتحول الإطراء لاحقاً إلى "كذب ونفاق".
ويتفق أخصائيو الإرشاد النفسي والتربوي على أن المجاملات بين البشر ضرورية إذا كانت تنمّ عن سلوك اجتماعي يسهم في زرع التقارب والتآلف في العلاقات الإنسانية على أن لا تزيد عن حدها وتتحول إلى "نفاق اجتماعي".
وأكدوا أنه كلما كانت عبارات المجاملة متزنة وصادقة، تركت آثاراً طيبة في نفس مُعطيها ومتلقّيها، خصوصاً إذا كان بينهما انسجاماً في الكلام والأفكار وصدق المشاعر.
إلا أن المشكلة الحقيقية، بحسب الأخصائيين، تكمن عند الشخص المجامِل على الأمد البعيد، لأنه كلما أعطى ولم يتلقَ من الطرف المقابل، فإن هذا سيصيبه بخمول، منوّهين أن العلاقة لن تدوم لكون الطرف المتلقي غير متفاعل مع المعطي.
وأشار الأخصائيون أن بعض الأفراد يضطرون للمجاملة لكونهم غير متقبلين لذاتهم، ويفتقدون لأهميتهم وقيمتهم، لذا يُجاملون الآخرين حتى يُقابلوا بالمثل.
لافتين إلى أن غالبية المجامِلين يكنّون بداخلهم عكس ما يتفوّهون به، لذلك يُصابون بحالة من الألم بمجرد انتهائهم من تقديم المجاملات لعدم رضاهم عن فِعلتهم، وهو ما يُظهر عندهم ضعفاً بمفهوم الذات.