تؤكد الحقائق العلمية أنه يمكن للجنين في رحم أمه، التفاعل مع الظروف الخارجية المحيطة به، ومع صوت أمه ابتداءً من الشهر السادس، لذلك دائماً تُنصح الأم الحامل، من الناحية النفسية، بالتخفيف من الحالات العصبية والتوتر التي ترافق مرحلة الحمل الذي من الشائع أن تعاني خلاله من اضطرابات توترية وقلقية، إضافة إلى قلة النوم، لكونه يعدّ حالة فسيولوجية وليست مرضية.
وبحكم تأثر الجنين بالصوت المرتفع والمزعج، وبالشجارات والنزاعات التي تحدث على صعيد الأسرة، لذلك على الأم أن تُشعره بالحنان، كأن تُسمعه نوعاً من أنواع الموسيقى التي تحبها، أو تغني له أو تقول له أجمل الكلام؛ فمن الناحية السيكولوجية يبدأ التشكل العاطفي الوجداني للجنين منذ لحظة وجوده في رحم أمه، لذلك كثيراً من ينصح استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور عبد الله أبو عدس أن تتعامل الأم مع جنينها وكأنه أمامها.
وقال أبو عدس لـ "فوشيا" إن هذا التفاعل بين الأم وجنينها يؤثر ويساهم في التطور الدماغي لدى الجنين، وإن أفضل صوت يفضله هو صوت ضربات قلب أمه، الأمر الذي يُطمئنه ويعطيه حالة من الهدوء، ولهذا السبب يوضع الطفل بعد ولادته على صدر أمه حتى يشعر بضربات قلبها التي تعوّد عليها وهو في رحمها، ما يجعله يهدأ ويرتاح.
كما أوضح أبو عدس أن العديد من الدراسات تتفق مع الفكرة العلمية الجسدية والنفسية التي تؤكد بضرورة خلق حوار بين الأم وجنينها، وهذا ما أكدته دراسة علمية شهيرة أجريت في بريطانيا على القشرة السمعية لحديثي الولادة، حيث تبين أن القشرة السمعية عند الأطفال الذين تواصلوا مع أمهاتهم من خلال سماعهم نبضات قلبهنّ أو صوتهنّ، كانت أقوى بكثير مقارنة بمجموعة الأطفال الآخرين الذين لم يستمعوا لأمهاتهم لأسباب متعددة منها مثلاً تعرضهنّ للغضب أو التوتر أثناء الحمل، والذين اتسمت قشرتهم السمعية بأنها "غير مكتملة".
إضافة إلى ذلك، بيّنت واحدة من الدراسات الأخرى التي أجريت لمعرفة مدى مقدرة الجنين على التعلم وهو في رحم أمه، أن كثرة تعرّض الجنين للأصوات العالية وتأثره بانزعاج أمه وعصبيتها، أو تعرضه للضوضاء الخارجية بشكل متكرر، قد يتوقف الجنين بعد كل ذلك بفترة وجيزة عن الاستجابة لتلك الضوضاء، كما قد تتوقف ردة فعله تجاه عصبية أمه أيضاً، وهذا ليس بالمؤشر الإيجابي على الإطلاق.
ولأنه يمكن للأجنة سماع معظم الأصوات بشكل عام وليست فقط التي يسمعونها بلغتهم الخاصة، إلا أن نتيجة واحدة ونهائية يمكن استنتاجها بأنهم يسمعون ويتذكرون ويتعلمون في مراحل معينة، رغم عدم مقدرة الدراسات الطبية تحديد الأسباب، إلا أن هذا ما استنتجته بعض الدراسات التي أجريت عليهم، كما أن الأصوات تعمل على تنشيط أجزاء من المخ المسؤولة عن تمييز الأصوات لديهم.
وبيّن أبو عدس أن بعض الأسئلة التي تطرحها الأمهات الحوامل علينا كطب نفسي، تتعلق بالاستفسار ما إذا كان الجنين من الناحية السيكولوجية أو البيولوجية يشعر بألم، إلا أن هذا الأمر غير مؤكد، ولكن هناك بعض الهرمونات المسؤولة عن الألم، وقد يشعر به الجنين في الأسبوع الرابع والعشرين، وأيضاً يحتاج للبراهين والإثباتات العلمية.
ولكن المثبت علمياً، أن التفاعل العاطفي بين الأم والجنين أمر مؤكد، كي ينمو دماغ جنينها بكافة أقسامه بشكل صحيح، لذلك دائماً ما ننصح الأم الحامل بالتحاور مع جنينها، وأن تحافظ على حالة مزاجية هادئة، والحفاظ على أجواء خارجية مستقرة، وتجنب جميع المنبهات التي تؤثر سلباً على الحالة المزاجية لجنينها.